بتكلفة 53 مليار دولار.. القمة العربية تعتمد خطة مصر الخمسية لإعادة إعمار غزة

في قمة عربية طارئة استضافتها القاهرة، حظيت الخطة المصرية الطموحة لإعادة إعمار قطاع غزة، والتي تقدر تكلفتها بنحو 53 مليار دولار، بدعم واسع النطاق من القادة العرب. تأتي هذه الخطة في ظل ظروف بالغة التعقيد، حيث يتأرجح اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس على حافة الانهيار، وتلوح في الأفق تهديدات خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتهجير سكان القطاع، مما يضاعف من أهمية هذه المبادرة. لقد عكفت مصر، بالتعاون الوثيق مع دول الجوار، على صياغة هذه الخطة على مدى شهر كامل، بهدف تقديم رؤية شاملة ومستدامة لإعادة بناء غزة، وتوفير حياة كريمة لسكانها الذين عانوا طويلًا من ويلات الصراع.
تتضمن الخطة المصرية تفاصيل دقيقة وشاملة، حيث لا تقتصر على إعادة بناء المنازل المدمرة فحسب، بل تمتد لتشمل إنشاء بنية تحتية حديثة ومتكاملة. فهي تتضمن بناء حوالي 400 ألف وحدة سكنية، بالإضافة إلى مطار وميناء تجاري وفنادق ومنتجعات شاطئية، ومركز تكنولوجي متطور. كما تركز الخطة على إنشاء مناطق حضرية مستدامة تعتمد على الطاقة المتجددة، وإحياء الأراضي الزراعية التي تضررت بفعل الصراع، وإقامة مناطق صناعية تساهم في خلق فرص عمل جديدة. وتنقسم عملية التنفيذ إلى ثلاث مراحل رئيسية، تبدأ بمرحلة التعافي المبكر التي تركز على إزالة الأنقاض وتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة، تليها مرحلتان رئيسيتان لإعادة الإعمار الشامل، مما يعكس رؤية استراتيجية بعيدة المدى.
إدارة القطاع خلال المرحلة الانتقالية ستكون منوطة بلجنة فلسطينية غير فصائلية، وذلك لضمان الشفافية والحيادية في تنفيذ الخطة. وستلعب مصر والأردن دورًا حيويًا في تدريب قوات الأمن الفلسطينية، لتمكينها من الحفاظ على الأمن والاستقرار في القطاع. كما أن هناك مقترحًا قيد الدراسة لإنشاء قوة حفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة، لتعزيز الأمن وتوفير بيئة آمنة لعملية إعادة الإعمار. وتؤكد الخطة على أهمية دعم اتفاق وقف إطلاق النار الحالي، وتقترح اتفاقًا متوسط المدى لبناء الثقة بين إسرائيل وحماس، مما يشير إلى فهم عميق لأهمية تحقيق الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة.
توفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الخطة الطموحة يمثل تحديًا كبيرًا، لذا فقد دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى إنشاء صندوق خاص لإعادة إعمار غزة، وحث المجتمع الدولي على المساهمة فيه. كما تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي للمانحين في أبريل المقبل، بالتعاون مع دولة فلسطين والأمم المتحدة، وذلك لحشد الدعم المالي اللازم. وقد أعرب القادة العرب عن دعمهم الكامل للخطة، وتعهدوا بتقديم الدعم المالي والسياسي اللازم لإنجاحها. كما رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بالمبادرة المصرية، وأكد استعداد الأمم المتحدة للتعاون الكامل في تنفيذها.
على الجانب الآخر، جاء الرد الإسرائيلي على الخطة المصرية سلبيًا، حيث وصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية الخطة بأنها "غير فعالة"، وأكدت دعمها لخطة ترامب لتهجير سكان القطاع. أما حركة حماس، فقد رحبت بالخطة، ودعت إلى توفير مقومات نجاحها، وأكدت على أهمية التعاون بين مختلف الأطراف لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وقد رحب البيت الأبيض بمساهمات الشركاء العرب، ولكنه أكد على موقفه الرافض لبقاء حماس في السلطة.
تمثل الخطة المصرية رؤية شاملة ومتكاملة لإعادة إعمار غزة، وتوفير حياة كريمة لسكانها، وتسعى إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، ومنع تهجير الفلسطينيين. وتؤكد على الدور المحوري لمصر في القضية الفلسطينية، وتعكس التزامها بدعم الشعب الفلسطيني في هذه الظروف الصعبة. ومع ذلك، فإن تنفيذ الخطة يواجه تحديات كبيرة، تتطلب جهودًا دولية مكثفة وتعاونًا وثيقًا بين مختلف الأطراف المعنية، لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
موقع إبداع مصر غير مسؤول عن مضمون التعليقات