You are here

تأثير التطور التكنولوجي على مجتمع ريادة الاعمال

تأثير التطور التكنولوجي على مجتمع ريادة الاعمال

لا أستطيع الجزم بشأن شكل مجتمع ريادة الاعمال كيف كان قبل ظهور أجهزة الحاسبات وفضاء الانترنت وإن كنت أستطيع التخمين، أما وقد عايشت انتشار أجهزة الحاسبات وانطلاق الانترنت لذا فإنني بلا شك أعرف جيداً كيف أصبح مجتمع ريادة الاعمال بعد ظهورهما وانتشارهما وتطورهما. ليس هذا فحسب ولكنني شاركت في انطلاق شبكات الهاتف الجوال في مصر وعدة دول عربية وعاصرت تطورها التكنولوجي عبر أجيالها المختلفة وتطور أجهزة الهاتف الجوال وتطبيقاتها من مجرد هاتف جوال تستطيع فقط ان تجري مكالمة هاتفية أو ترسل رسالة نصية إلى أن وصلنا للهواتف الذكية التي أصبحت تستخدم استخدامات عديدة نتيجة الأجهزة الملحقة بها و التطبيقات المشغلة لها و المعتمدة على مدخلاتها أو مخرجاتها مثل التصوير بكاميرات حديثة أمامية وخلفية وتحديد المواقع عبر GPS متطور والتوصيل على شبكات لاسلكية مختلفة للإنترنت عبر الواي فاي WiFi  وشبكات الهاتف الجوال بأجيالها المختلفة ...الخ.

لقد أثرت التكنولوجيا وتطورها بشكل كبير على نمو مجتمع ريادة الاعمال وتطوره وانتشاره لدرجة أنه لا تكاد تخلو شركة ناشئة في اي قطاعٍ كان من تطوير او ابتكار يعتمد كلياً على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما فيها الصناعات والأعمال التقليدية مثل التجارة والمواصلات تعرضت جميعها لهزة جبارة بمجرد ادخال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دورة العمل (خير مثال لذلك التجارة الالكترونية E-commerce وتطبيقات طلب التاكسي والمواصلات) بالإضافة الى ذلك فان كل القطاعات قد استفادت من قنوات التسويق الرقمي Digital Marketing التي ساعدتها في تطوير أعمالها ونموها وانتشارها بما في ذلك محطات التلفزة المختلفة التي تعتبر المنافس التقليدي لقنوات التسويق الرقمي وذلك لان تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات قد اتاحت لها مصادر دخل مختلفة (مثل التصويت عبر الرسائل و المسابقات و غيرها) مكنتها من النمو والتطور والانتشار.

سأحاول من خلال هذا المقال ومقالات أخرى قادمة – بحول الله – توضيح أثر تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في نمو مجتمع ريادة الاعمال وتطوره من خلال خلق فرص نمو هائلة في السوق يقوم باستغلالها رواد أعمال يتسمون بالإبداع من خلال نماذج خلاقة وأفكار مبتكرة تلبي رغبات السوق أو تخلق سوقاً جديدة بمساحات شاسعة لا حدود لها يتم ترجمتها فيما بعد لخدمات مبتكرة للعملاء وأرباح معتبرة لرواد الاعمال والشركاء.

بقدر ما كان إصدار أبل عام 2007 لهاتفها الذكي الأول أي فون Iphone طفرة كبيرة في عالم تكنولوجيا الهواتف الذكية فإن إطلاقها لمتجر التطبيقات خاصتها آب ستور App Store في العام الذي يليه يعد قفزة عظيمة في التكنولوجيا بشكل عام لأنها فتحت الطريق واسعاً امام رواد أعمال كثيرين تقدر أعدادهم حالياً بالملايين لتطوير تطبيقات مبتكرة خاصة بهم تعمل على نظام التشغيل الخاص بـ أبل iOS يتم توزيعها من خلال المتجر ثم تلتها جوجل باستخدام نفس النموذج من خلال متجر التطبيقات بلاي Play Store الذ يعمل بنظام تشغيل أندرويد Android. بالإضافة الى عدة متاجر أخرى للتطبيقات منها متاجر التطبيقات الخاصة بـ أمازون وويندوز وبلاك بيري وغيرهم

عندما نعلم ان عدد التطبيقات على متجر أبل آب ستور تخطى حاجز المليون ونصف المليون بينما عدد تطبيقات متجر جوجل بلاي ستور تخطى الاثني مليون ومائتي ألف تطبيق ندرك جيداً أن خلق أبل لفكرة فتح الطريق لطرف ثالث Third Party من مطوري تطبيقات الهواتف الذكية ونشرها عبر متجر التطبيقات App Store على هواتفها الذكية، كان له تأثيراً ملموساً على نمو مجتمع ريادة الاعمال الذي تعتبر البرمجيات (بما فيها تطبيقات الهواتف الذكية) أحد أكبر روافده على الاطلاق. لذا نشأت علاقة طردية بين أعداد المبرمجين وأعداد رواد الاعمال في أي مجتمع وذلك نتيجة لكون ريادة الاعمال في مجال تطبيقات الهواتف الذكية تحتاج الى الابداع الفكري من خلال نماذج خلاقة وأفكار مبتكرة أكثر من احتياجها لرؤوس أموال ضخمة للاستثمار كما في مشاريع تقليدية كثيرة مما جعل من مهنة مطور برامج مرادف لكلمة رائد أعمال (مع بعض الاعتبارات طبعاً) وجعل من مصطلح شركة ناشئة Startup مردافاً لشركة جديدة تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT (مع بعض الاعتبارات أيضاً)

لقد فتحت تطبيقات الهواتف الذكية طريقاً واسعاً أمام الشباب من رواد الاعمال في العالم أجمع لاستثمار طاقاتهم على عظمها ومعرفتهم على تنوعها وثقافاتهم على اختلافها ومجالاتهم على اتساعها للعمل على خلق تطبيقات ذكية في مجالات عديدة مثل الصحة والتعليم والاتصالات والمواصلات والتجارة والصناعة والاعلام والاعمال والخدمات والألعاب ومجالات أخرى عديدة سنلقي عليها الضوء ونخصها بنوع من التحليل في مقالات قادمة بحول الله.

بقدر ما اختلفت تطبيقات الهواتف الذكية في مجالاتها وأفكارها فإنها تباينت في الفئات المستهدفة للعملاء فهناك استهداف حسب الفئات الديموغرافية وهناك استهداف حسب المناطق الجغرافية فهناك تطبيقات لها صبغة محلية مستهدفة سوق محلي في منطقة ما أو دولة بعينها او متحدثي لغة معينة (لغة التطبيق) مثل تطبيق طلبات Talabat الكويتي الخاص بتوصيل الوجبات والذي اشترته شركة روكيت إنترنتRocket Internet  الألمانية بمبلغ 170 مليون دولار عام 2015 بينما هناك تطبيقات أخرى لها صبغة عالمية باستهدافها فئات ديموغرافية متعددة مع انتشار عالمي ممتد ليشمل كافة القارات و مختلف الشعوب و اللغات منها تطبيق الرسائل واتس آب  WhatsAppالذي اشترته فيس بوك Facebook بمبلغ 19 مليار دولار عام 2014 بعد أقل من خمس أعوام فقط من انطلاقه في 2009.

من يتأمل الأرقام جيداً يدرك معنى كلمة شركة ناشئة لرواد أعمال يعملون في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سواء لتقديم خدمة جديدة كلياً أو لخلق نموذج جديد يغير في كثير من الصناعات والاعمال التقليدية القائمة بالفعل كما في تطبيقات التاكسي.

من يتأمل الأرقام جيداً يدرك معنى الاستثمار في الشركات الناشئة والذي جعل كثير من الممولين – على اختلاف صورهم وتباين أهدافهم – يلهثون وراء رواد الأعمال الجدد لتنقية واختيار الأفكار الواعدة لتحقيق الكسب المشترك

من يتأمل الأرقام جيداً يدرك حجم الفرص الجبارة التي خلقتها التكنولوجيا في الأسواق والتي لا يستطيع الوصول اليها والفوز بثمارها إلا رواد أعمال يتسمون بالإبداع من خلال أفكارهم المبتكرة ونماذجهم الخلاقة.

Become a leader Send Your Feedback