You are here

الأربع نماذج الناجحة لأصحاب الشركات الناشئة (لماذا ينجح البعض منهم؟) الجزء الأول

الأربع نماذج الناجحة لأصحاب الشركات الناشئة (لماذا ينجح البعض منهم؟) الجزء الأول

نُشرت دراسة عام ٢٠١٢ تَدّعي أن ٧٥% من الشركات الناشئة المدعومة من رأس المال المخاطر تتعرض للفشل، وهناك مقالات كثيرة على الإنترنت بآراء وأفكار مختلفة حول سبب فشل هذه الشركات. بعض المقالات جيدة ويجب قرأتها - يمكنك أن تجدها هنا وهنا وهنا- ولكنني أزعم أن، على مستوى آخر، الأهم بالنهاية هو فهم سبب نجاح هذه الشركات.

إن فهم الظروف اللازمة لنجاح الشركات الناشئة يمنح أصحاب القرار وقادة المجتمع التركيز على القواعد المهمة لبناء هيكل الشركة، ولا تٌشتت بالعوامل الأقل أهمية.  وكما قلت مسبقاً في محاضرة ألقيتها عن بناء النظم الإيكولوجية المبتكرة: لطهي شريحة لحم، ومكنك قضاء كل وقتك للتفكير في أي التوابل تستخدم، ودرجة حرارة الطهي المناسبة، وما إلى ذلك، ولكن إذا لم  تبدأ بشراء قطعة اللحم الصحيحة، فلن تحصل على مذاق جيد لأكلتك (يمكنك مشاهدة الحديث كامل على يوتيوب هنا).

يعتبر هذا المقال هو الجزء الأول لسلسة مقالات حيث سأحاول شرح أفكاري عن فكرتين مهمتين لنجاح أي شركة ناشئة: الأولى هي وجود الأشخاص المناسبين والثانية هي وجود الدوافع الصحيحة. ومرة أخرى هذه الظروف اللازمة وليست الكافية، ولكن الشئ الذي لاخطته في أماكن كثيرة في أنحاء العالم ومنهم هنا في الدوحة، هو أن أهمية هذه الظروف تختفي مع كل النشاطات التي تنظمها المنظمات الحكومية والمنظمات الغير حكومية العالمية والمحلية في محاولة لتحفيز الابتكار وروح المبادرة داخل مجتمعاتهم - الأنشطة مثل التدريب وحضانة الأعمال، والمسابقات، والاستثمارات، وما إلى ذلك.

ما أقصده "بالأشخاص الصحيحة" هو رواد الأعمال والمستثمرين والمديرين والموظفين الذين هم العمود الأساسي لهذه المؤسسة الإنسانية المُسماه "بالشركة الناشئة" والتي تم تعريفها من قبّل مؤسسي حركة الشركات الناشئة  (lean startup movement) (ستيف بلانك وإيريك ريس كـ"المؤسسة المؤقتة الذي تعمل تحت ظروف غير مستقرة كي تجد نموذج عمل مربح ومتكرر وقابل للتوسع."

أود أن أضيف لهذا التعريف البند التالي: "وتحت ضغط وتوتر المنافسة من الشركات الموجودة حالياً."  ونتعجب كثيراً عندما نفكر أن هذه "المؤسسات الإنسانية" تفشل بالنهاية ، إلا إذا إخترت الشخص المناسب مع توظيف دوافعه بشكل مناسب.

في هذه المقالة سأركز على القسم الأول وهذا هو "الشخص المناسب" أو "أصحاب الشركة". من هم أصحاب الشركات المناسبين؟ هل هناك نماذج لأي صاحب شركة تعتبر ناجحة ؟ يمكنني التحدث عن هذا بكل سهولة، الإجابة عن هذه الأسئلة تكمن في البيان التالي، الذي يستخدمه معظم كليات إدارة الأعمال والدوائر التعليمية لتعريف أنواع مختلفة من ريادة الأعمال.

طبقاً لهذا البيان الشركات الناشئة "المبُتكرة" ( معروفة بنوعان أما شركات تكبر بسرعة كبيرة مثل الشركات التكنولوجية أوابتكارات جديدة من نوعها، شركات ذو تأثير عالي ويستلزم  الأمر وجود موارد كثيرة وتحمل مستوى عالي من المخاطرة. وما يأتي بعد ذلك أن أصحاب هذه الشركات الناجحين هم أفراد لديم قدرة عالية على تحمل الخطر، يمتلكون قدرة خارقة للإدارة تحت الظروف الغير مستقرة وهم "ماكرين" -  الأشخاص المزاحمون الذين يمتلكون الطاقة والشغف وقدرة الإقناع ومهارة التواصل مع الأخرين. في بعض الأحيان أرجح أن الشئ الذي يجعل سيليكون فالي مكان فريد هو مجتمعها المغترب - الأفراد الذين تركوا  بلادهم  وذهبوا كي يستقروا هناك هم نفس الأشخاص الذين يجب أن يرأسوا الشركاتالمبتكرة: الأشخاص القادرين على تقبل المخاطرة والعمل تحت الضغط. 

مؤسسي هذه الشركات عادة ما يقعون ضمن واحدة من أربعة أنواع مختلفة لمؤسسي الشركات الناشئة، أنا متأكد إنه قد يكون هنناك أنواع أخرى، لا تترد في ترك تعليق لي بأفكارك وإضافة أي شيء نسيت ذكره.

  1.  "رائد الأعمال ومؤسس العديد من الشركات": هؤلاء هم الأشخاص الذين حاولوا من قبل تأسيس عدة شركات جديدة، سواء نجحوا في تجربتهم أو كان مصيرها الفشل. ويعد جامز بارك مؤسس "فيت بيت" Fitbit مثال حي لهذا النوع من رواد الأعمال. عندما وصل بارك لسن ٣١ عاماً كانت "فيت بيت" هي ثالث شركة ناشئة له. في ٢٠٠٧ وبعد بيع شركته الثانية "سي نت" CNET، استقال بارك من منصبه كمدير التطوير والبرمجة بسي نت ليبدأ فيت بيت مع شريكه إريك فريدمن. وبعد هذه الخطوة ولمدة عام ونصف قام الشريكين بالمثابرة لزيادة رأس مال الشركة بالجهود الشخصية والاستثمار الشخصي حتى استطاعوا أن  يحصلوا على أو تمويل لهم في ٢٠٠٨.
     
  2.  "الماركة المميزة" مثلما هو الحال في هوليود، فالمشهد بالنسبة للشركات الناشئة التي تعمل في مجال التكنولوجيا مليء بالمشاهير الذين لديهم القدرة على جذب رأس المال بنفس طريقة جذب براد بيت لجمهوره في أي فيلم من بطولته. جاك دورسي هو أفضل مثال لهذا النوع من رواد الأعمال، كمؤسس "تويتر"، أصبح دورسي أحد أهم مشاهير المشهد. كان جاك من قبل مبرمج حر لا يعرفه أحد قبل أن يكتشفه إيفانز ويليمز أحد مؤسسي تويتر ومؤسس "أوديو"، الشركة التي عينت دورسي والتي نشأت منها فكرة تويتر. عندما قرر دورسي إطلاق "سكوير"، شركة متخصصة في الخدمات المالية الإلكترونية أنشأت عام ٢٠٠٩، لم يعاني من نقص عدد المستثمرين أو من يمدون له الموارد والدعم. في هذه الرحلة كلما كان لديك مواردك ومساعديك كلما تمكنت من مفاتيح النجاح، ساعد اسم دورسي ك"ماركة مميزة" في تمكين شركته "سكوير" ضد "باي بال" وآخرين عن طريق جلب استثمارات بأكثر من ١٠٠ مليون دولار في أول عامين من إنشائها.
     
  3. "الشاب البسيط" - لقد سمعنا هذه القصة من قبل: شاب ذو الـ١٩ من عمره يترك جامعته وينشئ شركة في السوق المكتظ ويصبح مليونير. هذه  هي قصة أرون ليفي - أحد مؤسسي شركة بوكس. بالرغم من كل الإختلافات المنافسة الشديدة من شركات أخرى (جوجل، مايكروسوفت، أمازون وغيرهم) والشركات الممولة بشكل جيد مثل "دروب وكس"، تمكنت الشركة أن تصبح شركة المليار وأن تحقق أرباح أعلى من ٣٠٠ مليون دولار في السنة في منصة التخرين السحابي (الكلود) والأسواق المشتركة. لا يوجد أي شركة إستشارية في العالم ولا أي باحث في السوق، لا أي مقدر لخطط الأعمال ولا حتى أي محلل منافس كان سيعطي "فكرة" أرون أى فرصة للنجاح في عام ٢٠٠٥ عندما بدأ بوكس.  ففي المرة القادمة عندما يأتي إليك طالب بفكرة ويريدك أن تمولها، لا تستعجل و تستأجر بي دبليو سي (PWC) كي تؤدي "تحليل فرص" نيابة عنك، فالفكرة ليست مهمة - المهم هو صاحب الفكرة نفسه.
     
  4. "المخاطر أو المراهن"- ماذا تفعل إذا كنت تعمل محلل مالي في أحد صناديق التحوط بمرتب يقارب الستة أرقام، وزوجتك  حامل في أول طفل لكم، و لديك كل الشهادات التي قد يتمناها أي شخص في مثل وظيفتك و في الثلاثينات من عمره كبكالريوس من معهد ماساتشوستس للتقنية و ماجيستير من جامعة هارفرد؟ الإجابة هي: تستقيل من وظيفتك، وتجلس في غرفة منزلك لتصور محاضرات شرح للرياضيات وتنشرها على الإنترنت. هذا ما فعله سلمان خان في ٢٠٠٩ عندما أيقن أن إنتشار الإنترنت والفيديو قد يودي إلى طفرة في التعليم فقرر المخاطرة بكل ما لديه. أثمرت مخاطرته عن نتائجها فيما بعد حيث أصبحت "أكاديمية خان" أهم اسم في مجال التعليم عن بعد. وبالرغم من أن "أكاديمية خان" تعد مؤسسة غير هادفة للربح، إلا أنها مجزية جداً بالنسبة لخان لتأثيرها الإجتماعي الضخم الذي يصل إلى ١٥ مليون متعلم شهرياً. هذا ما حصده خان، مرتب شهري مرضي ومهنة مثمرة يحقق فيها ذاته كالرئيس التنفيذي لمؤسسة غير هادفة للربح عمرها ٦ سنوات فقط.

 

Become a leader Send Your Feedback