أنت هنا

كيف تختار اللحظة المناسبة لتبتكر؟

منذ 7 سنوات 11 شهراً

تم إعادة نشر هذه المقالة من : Innovation Excellence

كشخص مبتكر؛ أصابتني صناعة الغذاء بالإحباط. لأنها لم تكن تدعم المبادرات المبتكرة على الإطلاق. جعلني هذا غاضبًا وحزينًا في ذات الوقت. وعندما أعدت التفكير في هذه المواقف، تعلمت درسًا مهمًا للغاية: لابد أن تختار اللحظة المناسبة لتبتكر!

كنت قد بدأت وظيفتي الأولى كمبتكر في شركة (هونيج Honig)، العلامة التجارية الهولندية الرائدة في الحساء المجفف. كا نبيع ما يقرب من 50 مليون عبوة سنويًأ في هولندا. كان لدى (هونيج) أكثر من 60% من حصة السوق، لكن كانت هناك مشكلة واحدة: لم يعد سوق الحساء المجفف يحقق نموًا.

وبصفتي الفتى الجديد في الحي، فقد دُعيت بالطبع لكي أدلو بدلوي في الأفكار المتعلقة باستراتيجياتهم للتسويق والابتكار. قمت ببعض البحث الميداني مع كبار المديرين في الشركة حول استخدام مستهلكينا للحساء، واتجاهات المستهلكين. كما درسنا ما يعمل عليه منافسونا في يونيليفر Unilever وكنور Knorr. أسفر بحثنا عن أن السوق الحالية لن تحقق أي نمو بعد الآن. ولم يكن أمامنا سوى أن نبتكر ونصنع شيئا جديدًا. كان هذا في أوخر الثمانينات عندما بدأت أفران المايكروويف تجتاح البيوت الأوروبية، وقتها بدأ الكثير من صناع الغذاء يبتكرون في الأغذية الطازجة، المجمدة والمبردة التي يمكن طهوها في المايكروويف في ثوان. وكنا مؤمنين أنه علينا أن نكون جزءًا من هذه السوق الجديدة.

وبالإضافة إلى أنني كنت أعمل على استراتيجية الابتكار، جعلتني الإدارة أقود مبادرة أخرى وحدي تمامًا. وضعوا أمامي تحديًا أن أزيد المبيعات طويلة المدى لحساء الشعيرية، الذي كان يحقق أقل نسبة أرباح بمبيعات وصلت أقل من 750 ألف عبوة في السنة. كان نوعًا تقليديًا من الحساء به الكثير من الشعيرية. بعد أن درست الأمر  اكتشفت شيئاً: مكعبات مرق الحساء كانت تحقق نجاحًا مماثلًا للحساء السائل. لكن حساء الشعيرية الذي ننتجه لم يكن يحقق هذا النجاح. فلماذا إذًا لا نتخلص من الشعيرية؟ وهذا ما فعلناه بالضبط، أعدنا إنتاجه ثانية لكن دون شعيرية، وجعل هذا مبيعات الحساء تتضاعف في خلال عام واحد لتصل إلى 1.5 مليون عبوة بهامش ربح 50% لأننا خفضنا تكلفة إنتاج وتعبئة الشعيرية.

وفي ذلك الوقت ناقشنا استراتيجيتنا وتحدياتنا في مجال الحساء المبرد مع زملائنا في أقسام اللوجستيات والإنتاج والبحث والتطوير. لم تعجب أحد منهم فكرة أن نقدم للجمهور حساءً جاهزًا باردًاز ففي رأيهم لم يكن لدينا الخبرات الكافية بوصفة كهذه، ولا إمكانيات البحث والتطوير. كما لم يكن لدينا أي فكرة عن خطوات التبريد اللازمة لنقل منتجنا للأسواق.

قدمنا كل ما وجدناه من بحثنا عن رغبات المستهلكين وإحصائيات النمو لمنتجات الميكروويف الجاهزة حول العالم. قمنا كذلك بعمل اختبارات تذوق للمنتجات الطازجة المبردة المنافسة. كان أعضاء مجلس الإدارة متحمسين للغاية حتى بدأنا مناقشة حالة العمل، عندما قلت إن استراتيجيتنا لن تضمن لنا تحقيق أرباح إلا بعد خمس سنوات على أقل تقدير. كان المكسب كبيرًا كالخسارة، وكان لابد لنا من بناء مصنع لتصنيع وتعبئة للحساء المبرد. لن أنسى أبدًا أن رئيس مجلس الإدارة قال في نهاية مناقشتي لاستراتيجية الابتكار: "لقد ضاعفتَ أرباح منتجنا الخامس والأربعين في ترتيب الأرباح دون أي مخاطرة تذكر. ابتكر نكهة الحساء الـ44 وستجد أرباحا في العشر سنوات القادمة أكثر من خط انتاج كامل للحساء المبرد" وهذا هو ما فعلته (هونيج). وبسبب ذلك استمرت كأنجح شركة رائدة في سوق الحساء المجفف، وبعد 15 عامًا اشترت هاينز العلامة التجارية.

ولإثبات وجهة نظري، أود أن اقتبس كلمة د. نوربرت رايثوفر، رئيس مجلس ادارة بي إم دبليو- ايه جي، شركة انتاج السيارات الأشهر. عندما سئل لماذا بدأت بي ام دبليو خط إنتاج السيارات الإلكترونية مع بي إم دبليو-3 وآي-8 أجاب بكل صدق: "لأن المخاطرة الأكبر كانت ألا نفعل شيئا آخر"

معظم المؤسسات مثل (هونيج) تعمل كدبابة تتحرك بنجاح وثبات على نفس المسار لفترة طويلة، محاولة التحكم في جودة منتجها الأساسي. هذه المؤسسات قد صنعت آليات تنظم لكل شيء ونظمت نفسها لتحافظ على تركيزها وتمكنها. إن الشركات الكبيرة عالمٌ في حد ذاته. أنت كمبتكر تعي تغييرات العالم من حولك، تشعر بالحاجة للتغيير، ولديك الكثير من الفرص لخلق منتجات وخدمات ونماذج أعمال جديدة. كل ماتريده هو أن تنطلق بسرعة، وعندما تقترح على رؤسائك مبادرة جديدة، تقابَل بالرفض وعندما تعود بنفس المبادرة بعد 3 أشهر تبدو عنيدًا للغاية.

لكنك الآن كمبتكر أمامك خياران: إما أن تحارب هذه الثقافة التي تخشى المخاطرة، كنسخة حديثة من دون كيشوت الذي يحارب طواحين الهواء كما فعلت أنا لسنوات عدة في صناعة الغذاء. أو أن تتقبل هذه الثقافة، وفقط عندما تتقبلها يمكنك أن تتعامل في أي شركة كبيرة. إن الدبابة ليست قاربا سريعًا، لذا نصيحتي للمبتكرين هي:

اللحظة المناسبة للبحث عن دعم لفكرتك أو مبادرتك المبتكرة هي عندما يكون عدم فعل أي شيء مخاطرة أكبر للشركة من الأخذ مبادرتك. فاختر اللحظة المناسبة.

اللحظة المناسبة هي اللحظة التي يدرك فيها من يقود الدبابة أن عليه تغيير طريقه قريبًا والا فلن يصل لهدفه. وكمبتكر ناجح في شركة كبيرة، عليك أن تترقب هذه اللحظة بصبر كصياد ينتظر فريسته. لكن لا تنتظر طويلًا. لأن إكمال عملية الابتكار في شركة كبيرة يستغرق من 18 وحتى 36 شهرًا من بداية الفكرة حتى تسويقها.

وكمبتكر يمكنك أن تسرع الحاجة للابتكار بأن تؤثر شخصيًا على صناع القرار في مؤسستك وتدفعهم للتغيير وتجعلهم يتقبلون المخاطرة:

- خذهم في زيارة للشركات الناشئة التي تهدد عمل شركتكم

- ادع مشاهدًا لاتجاهات السوق ليواجههم بالتغييرات التي تحدث في السوق

- قم بزيارة زبائنك السابقين الذين تحولوا لمنتج آخر أكثر ابتكارًا

- خدهم الى جامعات تقنية لتريهم تجارب مع التقنيات الجديدة

- أغرقهم بمقالات عن نماذج الأعمال الجديدة الناجحة

- قم بزيارة العملاء الصغار واسألهم عن رأيهم في منتجك

تذكر أنه هناك دومًا مرة أولى لكل مشروع.. كن صبورًا وثابتًا وسوف تنجح في إقناع الآخرين بفكرتك

ارسل مقالك الآن أرسل ملاحظاتك