شيريل ساندبرج تشجع النساء على أن يعتمدن على أنفسهن ويكن قائدات
إنه القرن الحادي والعشرون، ولابد أن كل القضايا العتيقة التي تطارد البشرية منذ قرون قد اختفت تمامًا، أليس كذلك؟ للأسف لا!
قضية المساواة بين الجنسين وبالذات في أماكن العمل، لازالت مشكلة باقية حتى وقتنا هذا. وبالرغم من أن أوضاع النساء قد تحسنت اليوم عن منذ ثلاثمائة عام مضت مثلًا، لكن لازال الرجال يحتلون معظم المراكز القيادية في مختلف أماكن العمل.
بالطبع استطاعت الحركات النسوية في بدايات القرن العشرين، مع تطور التعليم والتكنولوجيا وزيادة الوعي المجتمعي، أن تسهل حياة النساء في أوجه كثيرة. لكن تظل هناك بعض الوصمات الاجتماعية والأيدلوجيات لدى الرجال والنساء، التي تمنع النساء من تحقيق إمكاناتهم الحقيقية.
شيريل ساندبيرج، مديرة التشغيل بفيسبوك، في كتابها: "تقدمي: النساء والعمل والرغبة في القيادة"، تناقش القضايا التي تمر بها النساء من كل الأعراق والجنسيات والمعتقدات والأديان خلال رحلتهم المهنية. وتدعم هذا بإحصائيات موثقة وقصص حقيقية وتجارب شخصية وتعطي نصائح لتمكين النساء.
١- القيادة والطموح
تطرح شيريل فكرة الفجوة بين القيادة والطموح وهي قضية تواجه معظم النساء حاليًا. فعادة ما يتم النظر للمرأة الطموحة أو من لديها حياة مهنية مرضية، على أنها تفتقر لحياة خاصة بها، ولا تهتم لعائلتها، وأنها "مسترجلة" وخشنة الطبع بشكل عام. لا تأخذ الثقافة الشعبية في الاعتبار الأم العازبة أو التي تعيل عائلتها بمفردها. يرى معظم الناس الطموح كصفة رجولية وليست مناسبة للنساء، وعلى الرغم من ذلك فإن العديد من الناس يردون على زعم شيريل بأن الطموح ليس المشكلة الأساسية. فهؤلاء يرون أن المرأة لديها مسؤوليات أكثر أهمية تضطلع بها، مثل رعاية الأسرة والأطفال وتطوير نفسها ومجتمعها. ويرون أن الوصول لمراكز قيادية في العمل ليس الإنجاز الأهم ولابد للنساء ألّا يطمحن لذلك.
٢- الرجال يبالغون في تقدير أنفسهم، والنساء يقللن من شأن أنفسهن
عندما طلب من الرجال تقييم أعمالهم، كانوا يميلون إلى إعطاء أنفسهم قدرًا أكبر مما يستحقون، بينما تميل النساء إلى التقليل من شأن أنفسهن.
وعندما سُئل الرجال كيف استطاعوا القيام بهذه الأعمال العظيمة، يندفع الرجال إلى مدح مواهبهم وقدراتهم، بينما تُرجع النساء الفضل للظروف الخارجية مثل الحظ والعمل الجاد ومساعدة الآخرين. أما عندما يُلام الرجال على عدم القيام بعملهم بشكل صحيح، يلقون باللوم في هذا على قلة اكتراثهم أو استهتارهم في العمل، بينما ترجع النساء هذا إلى طبيعتهن وأن بعض جيناتهن تمنعهن من تحقيق النجاح.
وبالإضافة لذلك، في بحث أجرته جامعة برينستون، سُئل الطلبة في عام 75 كيف سيتعاملون مع المشاكل الأسرية، اتفق معظمهم أن زوجاتهن هم من سيضطررن إلى توفيق حياتهن العملية لتتناسب مع ظروف المنزل، بينما قررت نسبة قليلة جدا من الرجال أنهم هم من سيقومون بذلك.
٣- الخوف من ألا يتقبلهم الآخرون
النساء عادة ما يتخلين عن الفرص والتحديات لأنهن يخفن ألا يعجب بهن الآخرون. ولسوء الحظ، ليس هذا مجرد تخوف في عقولهن، ففي الواقع يفضل أغلب الناس الرجال عن النساء في مواقع القيادة أو المشورة. ويعتقد الناس أنه إذا ساعدهم رجل فإن هذا تفضل منه يجعلهم مدينين له، بينما إذا ساعدتهم سيدة فإن هذا هو المتوقع منها كشخص حنون وراعٍ بطبيعته.
في الغالب تضطر السيدة أن تنحي الاحترافية جانبًا، وأن تتصرف بأنوثة زائدة لتحصل على ماتريده، وعليها أن تبدي أسبابًا قوية ليحصل طلبها على القبول. أما على الناحية الأخرى، لا يحتاج الرجال إلا لأن يقولوا ما يطلبون وسيتم تحقيقه فورًا. تخاف النساء أيضًا من الفشل، ويحتجن إلى التأكد أن لديهن كل المهارات اللازمة لأداء مهمة ما قبل أن يضطلعن بها، بينما يبدأ الرجال مهامهم غير مستعدين تمامًا، ويتعلمون أكثر من التجربة، غير آبهين بالأخطاء المحتملة.
يجعل هذا النساء أقل ثقة وأكثر ترددًا في المخاطرة أو استغلال الفرص خوفا من أن يتم النظر اليهن بشكل مختلف او ألّا يعجب بهن الآخرون وهو أمر يخافه البشر بالفطرة.
٤- النساء يمنعن بعضهن من النجاح
أحيانا تكون النساء العائق الرئيسي أمام تحقيق نجاحهن الشخصي. في معظم البلاد يتم تصنيف النساء في عدة قوالب أو أنماط أغلبها سلبية. ويواجه بعضهن تهديد (القولبة والنمطية)، وهي حالة يتصرف فيها بعض الأفراد الذين ينتمون لنمط سلبي حسب الطريقة المعتادة لهذا النمط. بعض النساء قد تكون خبيرة أو محترفة في مجال معين لكنها تعاني من (متلازمة المدعي)، حيث تشعر أنها مخادعة تدعي المهارة، وأنها لا تستحق أن تُمدح لعملها، وهي على يقين أن الناس سيكشفون غطاءها في أي لحظة. زد على ذلك أن النساء الطموحات يشلهن الخوف أحيانا، الخوف من الفشل، أو من لفت الانتباه أو التفرقة أو الكراهية.
٥- لماذا تخاف النساء في العالم العربي من المبادرة؟
في البلاد العربية أو المسلمة، تصنف النساء دوما في دور الابنة، أو الزوجة، أو الأم. ويعتبر هذا جزءًا أصيلًا من الثقافة السائدة، وأي تقصير منهن تجاه عائلاتهن يواجه بامتعاض المجتمع.
الكثيرون في هذه المنطقة يؤمنون بأن الهدف الأسمى للمرأة هو رعاية عائلتها، وبالتالي فإن كثيرًا من النساء يخفن من تحدي هذا المفهوم الاجتماعي السائد وعدم تأدية واجباتهن المطلوبة.
ما يخيف النساء كذلك من الحصول على عمل هو الضغط المجتمعي الناتج عن العمل والاحتكاك المتكرر بالرجال الغرباء. إذا كان هناك رجلان يجلسان في مقهى ويتناقشان في العمل، يبدو هذا أمرًا عاديًا، لكن إذا جلس رجل مع امرأة -في سياق العمل كذلك- فإن ما سيبدو هو أنهم على موعد غرامي، وهو أمر شائن للغاية في الثقافة العربية والشرقية. مشكلة أخرى منتشرة للغاية في الطبقات الأقل في مصر، هي أن الشركات عادةً تفضل الرجال عن النساء في المراكز العليا، لأن الرجال يعتبرون العائل الأساسي لأغلب الأسر، وبالتالي يحتاجون إلى المال أكثر. في هذه الحالة تكسب النساء مالًا أقل بكثير وبالتالي يقل حماسهن تجاه العمل. تخشى النساء في مصر أن يصبحن "ناجحات للغاية" وذلك لمصلحتهن الشخصية، لأنه في مصر، تعد وصمة مجتمعية أن يتزوج الرجل من امرأة تكسب مالًا أكثر منه، لذا فإن هؤلاء النساء يخفن ألا يتمكنّ من الزواج.
إن تحقيق المزيد من المساواة وإعطاء النساء المزيد من الحقوق يبدأ بالدعم في المقام الأول. لابد أن يدعم الرجال النساء وأن تدعم النساء أنفسهن وأن يشجعن بعضهن. لسوء الحظ، ونتيجة لقلة عدد النساء في المراكز العليا، تنظر النساء لبعضهن في مكان العمل كمنافسات وليس كمصدر للدعم أو التحفيز. تحتاج النساء إلى تقبل اختلافاتهم، وأهدافهن حتى تزدرهن سوية. فلكي تقود المرأة وتحقق أهدافها وتعتمد على نفسها، لابد لها من الثقة. فماذا إذا لم تكن لديها؟ تقول شيريل: "تظاهري بالثقة حتى تشعري بها". تظهر الأبحاث أنه عندما تتظاهر بشعور معين أو بتصرف ما لفترة طويلة، فإنك تبدأ بالشعور به بالفعل بعد فترة. لقد اعتادت المرأة أن تبقى صامتة وأن تتهرب من الفرص. لكن عندما ترفع يديها وتقف بشكل قوي متظاهرة بالثقة حتى لو كانت في الحقيقة تريد أن تتكوم في الركن وتختفي عن الأنظار، فإن ما سيبدو للآخرين هو أنها امرأة واثقة من نفسها، وتستحق ما تأتيها من فرص.
إذا اعتمدت النساء على أنفسهن، وتحررن من الضغوط المجتمعية، يمكن لهن أن يغيرن موازين القوى في العالم وأن يملأن فجوة القيادة تلك. وعندها فقط يمكن لمزيد من النساء أن يندفعن وأن يحقق النجاح بدون خوف أو خجل أو معوقات
مصدر الصورة: Homebizreviews
موقع إبداع مصر غير مسؤول عن مضمون التعليقات