أنت هنا

هل المزيد من التكنولوجيا أمر جيد دائمًا؟

منذ 7 سنوات 11 شهراً

لم تعد أهم وأكثر المشكلات الملحة أمام تكنولوجيا اليوم هي إرضاء الاحتياجات الأساسية، ولكن إصلاح الشرور والأضرار التي أحدثتها تكنولوجيا الأمس". يقول دينيس جابور، أحد الفائزين بجائزة نوبل عام ١٩٧١. ولم يك وقتها قد شهد كيف ستؤثر التكنولوجيا على حياتنا بعد ذلك بأربعين عامًا.

لابد أن التغييرات السريعة في التكنولوجيا قد سهلت حياة البشر كثيرًا في العقود السابقة، فقد صارت حياتنا بسهولة ضغطة زر. لكن في مقابل ذلك غيرت التكنولوجيا توقعات وسلوكيات المستهلكين، حتى صرنا نلهث وراءها. بالإضافة لذلك، فقد أثرت على أنماط الاستهلاك وبالتالي صار علينا أن نجد طرقًأ لنتأقلم مع هذه التغييرات السريعة.

التكولوجيا وشهيتنا المتزايدة للطعام

بحلول عام 2015، غيرت التكنولوجيا من كيفية تفكيرنا في الطعام، كما غيرت ما نشتهيه. اليوم إذا شعرت بالجوع في أي وقت وأي مكان، تجد أمامك عالمًا من الخيارات لتنتقي من بينها. أصبح الطعام موضة، من كعكات الأكواب المبهجة  إلى البرجر وحتى وصفات الطعام الصحي.

جلوسنا أمام الشاشات زاد هو الآخر من استهلاكنا للطعام. حسب كلام كيت يارو أستاذ علم النفس، فقد أصبحنا نشعر بالملل سريعًَا، ونقوم بالعديد من المعام في نفس الوقت ويمكن إلهاؤنا بسهولة، ولذلك أصبح الطعام هو المخرج السهل أمامنا. لم يعد أمامنا الكثير من الوقت للطبخ أو تحضير الطعام، وهو مايدفعنا لتصفح المزيد من المواقع بحثًا عن شيء لنأكله في العمل. مع انتشار تطبيقات مثل انجزني واطلب، وقوائم الطعام المصحوبة بعروض تسويقية متاحة طول الوقت، أصبح طلب طعام الغداء على بعد ضغطة واحدة. مؤخرًا أطلق مكدونالدز في فرنسا ماكينات بيع تعمل لأربع وعشرين ساعة أسبوعيًا، ذلك أنهم وجدوا معظم أرباحهم تأتي من طلبات الطعام مابين منتصف الليل وحتى الخامسة صباحًا.

لم تكتف التكنولوجيا بتغيير كمية الطعام الذي نستهلكه، بل غيرت نوعية طعامنا كذلك. احدى الشركات اليابانية استخدمت التكنولوجيا لتصنع وجبة برجر منزلية سريعة التحضير، وكل ما تحتاجه هو أكياس من البودرة وبعض الماء وجهاز ميكروويف!. يوضح هذا الفيديو كيف تصنع وجبة المطبخ السعيد المكونة من سندوتش برجر وبطاطس محمرة. في هذا العالم المتغير حيث يتحرك كل شيء بسرعة شديدة، وكلنا في سباق لإرضاء احتياجاتنا ورغباتنا، لا عجب أن بعض الناس يجد هذه الوجبة مرضية تمامًا. لكن على الناحية الأخرى لا يجب أن ننسى أن الطعام المصنع له مشاكله وآثاره الجانبية المعروفة. فهل سنصل إلى اليوم الذي تباع فيه أكياس البودرة هذه في كل مكان في مصر؟

الاستهلاك العاطفي

بعيدًا عن استهلاكنا لـ(الأشياء) مثل الطعام، فإن الإنترنت والأجهزة المرتبطة به قد أثرت على صحتنا الاجتماعية والعقلية والعاطفية. شبكات التواصل الاجتماعي كمثال، قد أثرت على سعادة الإنسان العادي. فبدلًا من أن تقرب الناس من بعضهم، أصبحت أداة للعزلة والضغط النفسي وانعدام المهارات الاجتماعية. وبشكل عام كلما زاد تعلق الشخص بالتواصل الافتراضي عبر هذه المواقع، كلما قل ارتباطه بعائلته والمجتمع من حوله. اليوم هناك تطبيقات تقيس استهلاكك لهاتفك، ويمكنها أن تنبهك إلى أنه قد حان الوقت لتترك شاشتك وترفع عينيك إلى ما حولك.

بعيدًا عن الاستهلاك العاطفي، يتيح لك الإنترنت أن تقول أشياء عبر الشبكة ربما لا تتجرأ ان تقولها في الحقيقة. وقد زاد هذا من الاضطهاد الإلكتروني، والذي -حسب التقارير- قد أدى إلى نقص قدرة المراهقين على التعبير عن أنفسهم، وزيادة عدد حالات الاكتئاب بين الناس عندما يواجهون المزيد من التعليقات السلبية على ما يشاركونه عبر شبكات التواصل الاجتماعي. تخيل ماذا سيحدث لو أضاف فيسبوك زر "لا يعجبني" مثلًا؟

"إن الخطر الحقيقي لا يكمن في أن الآلة قد تفكر مثل الإنسان، ولكن في أن الإنسان قد يبدأ في التفكير مثل الآلة" كما يقول سيدني هاريس.

لا ننكر أبدًا أن التكنولوجيا قد أفادتنا كثيرًا، لكن هل تظن أن هذه الفوائد تستحق ما تكلفنا إياه التكنولوجيا؟ أم أننا بحاجة لإعادة التفكير في استهلاكنا للتكنولوجيا؟

 

ارسل مقالك الآن أرسل ملاحظاتك