أنت هنا

كيف تدير برنامج توليد أفكار فعالًا؟

منذ 7 سنوات 11 شهراً

مصدر هذه الصورة: pixabay.com

تم اعادة نشر هذه المقالة من: Innovation Excellence 

يقع قادة الشركات الكبيرة تحت ضغط كبير لخلق جو من الابتكار داخل شركاتهم، وذلك ليتجنبوا التعثر بسبب المنافسين الأصغر والأكثر فطنة. ما يدفع كثيرًا من القادة لاعتبار الإبداع أحد قيم الشركة، وتنظيم مسابقات تقديم أفكار مصممة لتشجيع موظفيهم على التفكير خارج الصندوق والحفاظ على روح التنافس فيما بينهم .

في حين يبدو من المشجع أن تضع الشركات الكبيرة الابتكار على قائمة أولوياتها، إلا أنه في كثير من الأحيان لا تسفر مسابقات تقديم الأفكار إلا عما يشبه مسرحًا للمبتكرين. فهل هناك ما هو أفضل من مسابقة تجمع مئات المشاركين من المبتكرين ليظهر القادة بمظهر من يهتمون بدفع من حولهم للابتكار؟  ولكن لسوء الحظ، ليس هذا التصرف أقرب إلى الإنتاجية، ولا تنتج هذه المسابقات عادة شيئًا محددًا أو ذا قيمة.

الشكل النمطي لبرامج توليد الأفكار

إذا كنت تعمل أو عملت سابقًا في شركة كبيرة، قد تكون مسابقات توليد الأفكار مألوفة جداً لك ، تعرف تلك المسابقات أيضاً باسم زحام الابتكارات، ومسابقات الأفكار اللامعة وهكذا ...

عادة، يتم بناء منصة عبر الشبكة الداخلية للشركات، مصممة لكي توفر مساحةً لجمع الأفكار وتسهيل عملية التصويت والتعليق على الأفكار.

ومن ثم يتم سريعًا إرسال بريد الإلكتروني لجميع موظفي الشركة للترويج لحدث إطلاق المبادرة، الذي قد يتضمن مأدبة لتشجيع الموظفين!، يصحب ذلك تعليق ملصقات وصور براقة تحمل تعبيرات طنانة عن الابتكار توضع في أماكن استراتيجية من الشركة حيث يمكن أن يراها الموظفون؛ في المطابخ وغرف الاجتماعات ومداخل المكاتب، تحمل الملصقات شعارات وعبارات طنانة مثل شعار (آبل): "فكر بطريقة مختلفة". لكن هذه الشركات تغفل أن الشعارات لا تغني عن افتقارها للفروق الجوهرية في طريقة العمل المبتكرة التي تتميز بها (آبل) معشوقة سليكون فالي.

بعد ذلك يتم ترتيب الأفكار المقدمة حسب الأصوات التي تم جمعها. وترسل الأفكار الأعلى تصويتًا للمديرين ليراجعوها ويقوموا باختيار الفائزين، على الرغم من أن هؤلاء المديرين لم يساهموا بابتكار أي شيء.

تكون هذه عادة نهاية العرض. ينحني طاقم العمل، ويسدل الستار سريعًا على الأفكار ويلقى مسرح الابتكار نهايته. لا تحقق العملية كلها في نهاية المطاف ماهو أكثر من مجرد مسرح للأفكار المبتكرة، لكنه يفشل لعدة أسباب..

ثمانية أسباب تؤدي لفشل مسابقات توليد الأفكار وكيف تعالجها

1- بوابات تقديم الأفكار لا تسهل تشكيل الأفكار

تستخدم الشركات الكبيرة منصات تميل عادة للبساطة الشديدة، ولا تتيح الفرصة ليطور أحد من الأفكار المقدمة أو يضيف إليها، مما يفقدها الميزة الإبداعية الأساسية كشركات ذات آلاف من الموظفين يمكنهم أن يساهموا في تطوير الأفكار، في مقابل شركة ناشئة بها أقل من 20 موظفا. قد تكون صناديق التعليقات مفيدة، لكنها لا تدعم تطوير الأفكار بسلاسة وفعالية.

إن احتمال أن يأتي شخص واحد بفكرة قابلة للتطبيق تجارياً في البداية يبقى احتمالًا بعيدًا بشكل لا يصدق. المنتجات التي نعرفها ونحبها ما هي إلا نتيجة لاستراتيجية ناشئة وتطورت على مر الزمن،  مبنية على أساس دراسة متأنية للمستهلكين.

وتبقى أفضل الأفكار هي تلك التي تجمع بين وجهات نظر عدة أشخاص مختلفين في خلفياتهم وتجاربهم، وقد كان (ستيف جوبز) مثالًا كلاسيكيًا للمفكر واسع النطاق الذي كان قادراً على الاستفادة من تجاربه المتنوعة.

"الإبداع هو مجرد ربط الأشياء ببعضها. فـ(المبدعون) يستطعيون خلق أشياء جديدة من خلال الربط بين خبراتهم السابقة". والسبب في أنهم قادرون على فعل ذلك هو تجمع المزيد من الخبرات لديهم. الخبرة إذن سلعة نادرة جدا،  الكثيرين في هذا المجال لم يكن لهم تجارب متنوعة بالشكل الكافي، لذلك لم يكن لديهم ما يكفي من النقاط ليوصلوها ببعضها، وفي نهاية المطاف انتهو إلى حلول خطية جدا دون منظور واسع حول هذه المشكلة. "كلما كان لدينا فهم أوسع للتجربة الإنسانية، كلما كان لدينا تصميم أفضل ."

في غياب شخص لديه التجارب الواسعة التي كانت لدى (ستيف جوبز) مثلًا، يمكننا الاستفادة من الخبرات ووجهات النظر الواسعة من مختلف أنحاء المنظمة لتوصيل النقاط وخلق منتجات أفضل.

  • كيفية علاجها

تسهل منصات مثل (برايت أيديا) و(سبيجيت) توليد الأفكار الناشئة والتعاونية في حين تيسر العديد من المنصات الأخرى المتاحة  البناء على الأفكار وتطويرها.

 2- الموظفون الذين يصوتون على أفكار غير مدربين على نظرية الابتكار

إذا لم يكن لديك الفهم الكافي لديناميكات الابتكار المستمر والابتكارالمدمر فإن تصويتك لن يكون محل ثقة. وبالنظر إلى المعدل الخطير الذي تتحطم به الشركات من قبل منافسين صغار وشركات الناشئة، فإنه ببساطة لا يعقل أن يتم إنفاق ميزانية الابتكار الضئيلة أصلا، على أفكار اختارها موظفون ليس لديهم المهارات الأساسية ليفرقوا بين فكرة جيدة وأخرى سيئة. هل تترك شخص ما ليس لديه معلومات عن  الممتلكات والأسهم أو فئات الأصول البديلة ليتخذ قرارات استثمارية نيابة عنك؟ على الأغلب لا.

  • كيفية علاجها                                                   

لابد للموظفين الذين يصوتون على الأفكار أن يكون لديهم فهم أساسي لنظرية الابتكار المستمر والابتكارالمدمر، التي وضعها رائد الفكر الإبداعي ومؤلف كتاب "معضلة المبتكر"؛ (كلايتون كريستنسن)، إذا قررت إنشاء لجنة للابتكار متعددة الوظائف، تتكون من أشخاص يمتلكون المهارات اللازمة للابتكار، فسيقلل هذا من قدر التدريب الذي تحتاج أن توفره لمجموعة صغيرة من الناس داخل المؤسسة.

احذر أن تعين أعضاء لجنة الابتكار من الأشخاص "الفاسدين" أو ذوي "الطابع المؤسسي" فيما يتعلق بطريقة تفكيرهم. كما يجب أن يعطوا كذلك قدرا من السلطة في عملية الاختيار ولا يكونوا معرضين لنقض تصويتهم من قبل كبار المديرين الذين تحركهم دوافع قصيرة الأمد.

بشكل مثالي ينبغي للشركة أن تسعى إلى أن يكون الجميع في المنظمة مدرب بشكل كاف على ديناميكات نظرية الابتكار. إذ سيؤدي ذلك لا لتحسين نوعية الأفكار التي تقدم خلال المسابقة فحسب، ولكن لأن تبقى عيون الناس وآذانهم مفتوحة  لفرص جديدة طوال فترة وجودهم في الشركة.

3- منافسة الأفكار في مقابل المنافسة على الشعبية والتسويق؟

ليس من المستبعد أن يحصل أحد الأفراد ذوي السلطة أو الشعبية الواسعة على أصوات أكثر من زميله الأقل شهرة. وبالمثل، فمن المرجح أن من يسوقون فكرتهم بشكل أفضل ومن خلال قنوات مختلفة سوف يستطيعون جمع المزيد من الأصوات أيضا، وهو ما يشبه أسلوب عمل بعض الشركات الناشئة الناجحة.. لسوء الحظ، في كلتا الحالتين يصبح حصول الفكرة على الأصوات ليس ذا علاقة حقيقة بالإمكانات القوية لتلك الأفكار، أو كونها مدرة للأموال.

  • كيفية علاجها

اجعل أسماء مقدمي الأفكار مجهولة، أو تخلص من عملية التصويت تماما وفوض عملية الاختيار للجنة متعددة الوظائف بها أشخاص مدربين تدريبا مناسبا وأعطهم السلطة التي يحتاجونها (لمعرفة المزيد عن ذلك، انظر 2).

4- الهدف من مسابقات توليد الأفكار ليس واضحا كفاية

غالباً لا يميز أفراد المؤسسة بين ما إذا كانت المسابقة تبحث عن ابتكارات قابلة للاستدامة والتطوير، أو ابتكارات تثير أكبر ضجة ممكنة. وبطبيعة الحال، فقد أدى هذا لظهور أفكار مختلفة بمعيار تقييم مختلف تمامًا. من المهم ألا نخلط أو نعطي أولوية  لنوع واحد من الابتكارات على حساب الآخر لأن كل منهما يخدم غرضًا مختلفًا. فالأول يهدف للحفاظ على آليات الأعمال الأساسية، والثاني يسعى لإيجاد أسواق جديدة سريعة النمو.

  • كيفية علاجها

كن واضحا منذ البداية عن نوع الأفكار الذي تسعى له الشركة.

فكر في تقديم معايير بسيطة عن ماهية الأفكار التي تريدها. على سبيل المثال، إذا كانت الشركة تسعى للأفكار التي تخلق ضجة، أعط الموظفين اختبارات تقيم إذا كانت الأفكار تلبي هذا المعيار قبل تقديمها. لن يضمن هذا أن يقدم الموظفون نوعية الأفكار التي تريدها فحسب، ولكنه سيحد من عدد الأفكار المقدمة كذلك. لأن الموارد المخصصة لاستعراض واختيار الأفكار لا تتحمل تلقي مئات من الأفكار السيئة.

5- الأفكار الفائزة يتم اختيارها استنادًا إلى معايير خاطئة

كثيرًا ما يغتر المديرون بالقفزات على المدى القصير، وقليلًا ما يفكرون في حالة الشركة بعد خمس أو عشر سنوات من الآن. وهذا يفسح المجال لاختيار أفكار تقتصر على آليات العمل الأساسية واحتياجات العملاء الحالية. في حين أن هذه الأفكار قد تصلح لدعم الابتكارات المستدامة والتحسينات الإضافية، إلا أنها لا تعدو كونها مجرد ابتكارات صغيرة وقابلة للتكرار.

الأمر كما صوره (جيفري مور) بشكل جيد في "عبور الهوة"، سوق الابتكارات التي تحدث ضجة أصغر من أن تهتم به الشركات الكبيرة، ولذا فإن كبار المديرين يتجاهلون مثل هذه الأفكار، التي قد تساهم في الاستحواذ على الأسواق القابلة للنمو بعد عدة سنوات.

  • كيفية علاجها

تدريب المديرين على نظرية الابتكار المدمر وقياس العائد من الاستثمار في الابتكار يمكنه أن يحسن اختيار الأفكار بشكل كبير. يمكنك أيضًا أن توفر فرصة للموظفين ليختبروا أفكارهم قبل تقديمها. وهذا سيحصر الأفكار المقدمة في تلك التي يقدمها رواد الأعمال الذين أنفقوا فعلا بعض الوقت لاختبار فكرتهم وصنع نماذج أولية. لا يوفر هذا نوعًا من التعلّم المبكر فحسب ولكنه يبين أيضا قدرات مقدمي الأفكار كرواد أعمال محتملين. وقد يكون هذا سببًا لأن يكافأ أصحاب الفكرة بإعطائهم مسؤلية تنفيذ فكرتهم إذا وقع الاختيار على عليها. ويعتبر (كيكبوكس) الذي أعلنت عنه (أدوبي) مؤخرًا مثال رائع لهذا النهج.

6- الأفكار المختارة لا تحصل على فرصة تطويرها

لا يتم توفير التمويل أو الموارد لاستكشاف الإمكانات الحقيقية للأفكار الفائزة. أو يتم سحب التمويل مبكرًا بسبب عدم تحقيقها نتائج سريعة. ومرة أخرى يأتي هذا بسبب سيطرة العقليات التي تنظر إلى المدى القصير على الشركات الكبيرة.

  • كيفية علاجها

تأكد من توفير ما لايقل عن 10٪ من ميزانية البحث والتطوير (الذي يجب أن يكون في حد ذاته بين 5٪ و 20٪ من نفقات الشركة، حسب الصناعة وعمر الشركة) وأن تخصص هذه المبالغ لاستكشاف الأفكار التي قد تحقق ضجة كبيرة. كما يجب توفير 20٪ إضافية من ميزانية البحث والتطوير للابتكار، في حين ينبغي أن يستثمر 70٪ في الابتكارات الأساسية الأكثر أمنا واستدامة.

تأكد أن يتم دراسة الأفكار الفائزة أو على الأقل تلك التي لديها فرصة النجاح، للتحقق من نماذج الأعمال الخاصة بها. من المهم محاولة العثور على سوق يناسب هذه المنتجات، ما يعتبر تدريبًا في مجال التسويق، وليس تطويرًا للمنتج، يمكنك أيضا الاستفادة من الطرق المقترحة في هذا الموقع.

الامر كما يلخصه كتاب "طرق المبتكرين" لـ(ناتان فيروجيف داير)، تحلى بالصبر لتحقيق النمو ولكن لا تصبر على الربح. وكلما كانت المبادرة الجديدة أسرع في تحقيق عائد كلما كانت الفرصة أعظم  للبقاء على قيد الحياة عندما تسوء الأحوال.

7- مقدموا الأفكار لا يجدون من ينقد أفكارهم

عندما تطلق مسابقات توليد الأفكار للمرة الأولى، فإنها تخلق جوًا من الطاقة الإيجابية والحركة والنشاط في الشركة، بإشراك الكثير من الموظفين الذين لا يشعرون بفائدتهم الحقيقية للشركة. المشكلة هي أنه بعيدًا عن الأفكار القليلة التي يتم اختيارها في النهاية، فإن باقي مقدمي الأفكار لا يتلقون أي شكل من النقد البناء أو الهدام . من المهم أن تحصل جميع الأفكار المقدمة على آراء أو ردود فعل لتشجيع مقدميها على التقديم ثانية، إذ كثيرًا ما تنجح الفكرة الثانية أو الثالثة أو الرابعة للشخص نفسه.

  • كيفية علاجها

تأكد من أن جميع مقدمي الأفكار يحصلون على الأقل على نوع من ردود الفعل.قد يكون هذا مكلفًا، لا سيما مع وجود مئات الأفكار المقدمة، لكن لا يمكن التقليل من قيمة مشاركة الموظفين في المسابقة.

8- تنفيذ الفكرة

يعرف جميع رواد الأعمال الناجحون، أن الفكرة لا تهم بقدر مايعدّ لتنفيذها. يمكنك تهدي منظمة هدية ضخمة من مائة فكرة جيدة ولكن إذا لم تكن المنظمة قد ضبطت ثقافتها وآليتها ومواردها للابتكار بنجاح، فإن الأفكار الجديدة ستقع ضحية لثقافة الشركة الكبيرة التي لم تعتد البحث عن نموذج أعمال قابل للتكرار وقابل للنمو..

  • كيفية علاجها

تأكد من أن ثقافة الشركة وآلياتها ومواردها تتماشى مع ما هو مطلوب للابتكار بنجاح. يمكن أن يتم هذا داخليًا ولكن غالبًا سوف تحتاج الشركة إلى أن يتم تكوين شركات مستقلة، ليست لها السياسات والإجراءات التي تملكها الشركة الأم، أو أن تستحوذ الشركة على شركات جديدة ذات قدرة على الابتكار.

 

 

 

ارسل مقالك الآن أرسل ملاحظاتك