أنت هنا

كيف يمكن لاستخدام برمجة الألعاب وتصميماتها أن يمنح القوة للجماهير؟ حوار مع محمد عزالدين مؤسس تنرا

مصدر الصورة: صفحة تنرا على فيسبوك

جمع الأموال لبدء شركة ناشئة هو التحدي الذي يواجه العديد من رواد الأعمال في جميع أنحاء العالم بوجه عام وفي مصر على وجه الخصوص. وفي حين أن بعض رجال الأعمال يبحثون عن مستثمرين أو برامج الحضانة incubation، يستخدم البعض الآخر التمويل الجمعي crowdfunding كخيار بديل، ولكن كيف يتم ذلك في مصر؟

أجرت إبداع مصر حوارًا مع محمد عز الدين المؤسس المشارك لشركة تنرا، وهي أول منصة لإسناد للتمويل الجمعي إلى الجمهور في مصر، والذي حصل مؤخرًا على ٨٠ ألف جنيه بعد فوزه بجائزة "إنجاز" للشركات الناشئة.

- أرجو أن تقدم لنا نفسك، كيف أصبحت رائد أعمال؟

اسمي محمد عز الدين.. تخرجت في كلية الهندسة بجامعة عين شمس في عام ٢٠١١، كنت ألعب كرة الماء كمحترف وكنت عضوًا في المنتخب المصري.

عندما كنت في الكلية تطوعت في العديد من الأنشطة الطلابية، حيث تعلمت المزيد عن ريادة الأعمال. أنا أحب الهندسة، ولكن كنت أعرف أنني لم أكن أريد أن أصبح مهندسًا، خصوصًا أن أصدقائي الذين تخرجوا قبلي وبدأوا العمل بالفعل دائمًا ما أخبروني عن وظائفهم وكيف أنها مملة. فقلت في نفسي: أنا لا أريد أن أكون كذلك.

- ماهي تنرا؟ وكيف ولدت هذه الفكرة؟

تنرا هي عبارة عن منصة تلعيب gamification platform لحشد المال الذي يحتاجه رواد الأعمال لتمويل مشاريعهم. خلال السنة الأخيرة في الكلية، رأيت موقع جمع التمويل عن طريق الجمهور Kickstarter للمرة الأولى. أعجبتني الفكرة ووجدت أنها ملهمة جدًا. هناك الكثير من الأفكار الجيدة هنا في مصر ولكنها تضيع بسبب نقص التمويل. أردت أن أبني على ما فعلته كيكستارتر بإضافة المزيد من الميزات وخلق منصة أخرى في مصر. للأسف لم أتمكن من البدء فورًا، واضطررت إلى الخدمة في الجيش لمدة عام بعد التخرج مباشرة ووضعت الفكرة قيد الانتظار.

- إذن تنرا ظلت مجرد فكرة لفترة غير وجيزة. متى كانت اللحظة التي أتت بالفكرة إلى أرض الواقع؟

بعد أن أنهيت خدمتي العسكرية، بدأت عائلتي الضغط علي "لأجرب" الهندسة ثم أقرر، وهي التجربة التي مر بها معظم رواد الأعمال مع أسرهم. قررت أن أعطي فرصة للمحاولة والعمل في شيء مشابه إلى حد ما لما أريد، وخصوصًا أنه لم يكن لدي أحد لمساعدتي في الجزء التقني لبناء موقع على الانترنت.

حصلت على عرض في شركة متعددة الجنسيات، وفي اليوم الذي كان من المفترض أن أوقع فيه على العقد، تذكرت كل الأشياء التي سمعتها من أصدقائي عن وظائفهم.. فاعتذرت وتركت المكان.

ساعدني شخص التقيت به في مبادرة ركن ثقافي -وهي واحدة من المبادرات التي أطلقتهاعندما كنت طالبًا- وكنت آنذاك قد عرضت علي وظيفة في شركة أخرى تعمل في برنامج يدعم رواد الأعمال الشباب. فعملت لمدة عام كامل في الفريق الذي يختار من يحصلون على المنح. وقد ساعدني هذا على الحصول على صورة أوضح لعالم ريادة الأعمال وفهم أن رائد الأعمال يحتاج إلى أشياء أخرى إلى جانب التمويل.

بعد أن تركت هذه الوظيفة، كان لدي الفكرة وشبكة علاقات لمساعدتي في البدء، ولكن ظللت أتساءل كيف يمكنني القيام بالجزء التقني؟ كنت أبحث عن شريك تقني لكنني قررت أن أبدأ على أي حال، لذلك بدأت بدون الاتصال بالانترنت وأطلقت مشروع تجريبي في مارس ٢٠١٣.

- ألعاب بدون انترنت؟ كيف تم ذلك؟

كنت أعرف رائد أعمال اسمه محمد الرافعي كان يعمل على مشروع تعليمي يسمى C.O.R.D. والذي يدرس العلوم من خلال تقنيات مثيرة جدًا للاهتمام، مثل خلق الروبوتات من الأشياء البسيطة مثل المسطرة والممحاة. لم أكن أريد أن أبدأ بهدف كبير جدًا وكان الرافعي لا يبحث عن تمويل كبير -مجرد ٥٠٠٠ جنيه- فكان مستعدًا للمخاطرة، فبدت الأمور وكأن الكيمياء بيننا كانت مثالية.

صورنا شريط فيديو قصير وبدأنا ننشره في وسائل التواصل الاجتماعي، ونظمنا أحداثًا في 4 مساحات للعمل المشترك. وحضر الناس واستمعوا إلى الرافعي وهو يتحدث عن المشروع، وكانوا قادرين على الدفع والدعم . أرسل بعض الناس أيضًا بمساهمتهم عن طريق البريد الإلكتروني ثم اتصلنا بهم لترتيب وسيلة لاستلام المال. تجاوزت الحملة توقعاتنا وحققت ١٢٢٪ من المستهدف.

-  إذا لم تقوموا باستخدام برمجة الألعاب، لأصبح المشروع أسهل في إطلاقه على الأرجح. لماذا قمتم ببرمجته بهذه الطريقة؟

على الصعيد الدولي، تنجح حملات جمع التمويل عن طريق الجمهور بسبب العديد من العوامل التي ما زالت تنقصنا في مصر الآن. من حيث الثقافة، فالوعي بالإمكانيات الكامنة لهذا النوع من جمع التمويل أعلى بكثير من عندنا، كثير من الناس على استعداد للدعم بمبلغ ١٠٠ دولار، ولكن هنا لدينا مشكلة حقيقية في الثقة. من المستحيل تقريبًا للشخص الذي يحتاج عشرة آلاف جنيه أن يحصل عليها من الأفراد.

فكرنا لماذا لا تساعد الشركات كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية؟ كثير من الشركات تمول صناديق الإنفاق الخيري أكثر من مرة ولا يحصلون على الموقع الذي يريدونه. فكرنا في طريقة لنقدم لهم هذا الموقع من خلال دعم شيء يمكن أن حتى يكون أفضل من الأعمال الخيرية، لا أقول أن الأعمال الخيرية سيئة ولكنني أعتقد أن وسائل التنمية الأخرى أكثر استدامة. كنا نريد الحصول على الشركات العاملة مع الجماهير، و من هنا جاءت فكرة التلعيب.

- إن فكرة الحصول على دعم كل من الشركات والأفراد لرواد الأعمال تعتبرة فكرة مثيرة للاهتمام وفريدة من نوعها.. كيف استطعت إقناع كل منهما أن تشارك؟

عادة ما يستخدم التجار مفهوم التلعيب لإشراك الناس. إنه شيء يشبه اللعبة، على سبيل المثال.. يمكنك أن تجعل المستخدمين يجيبون في ثلاثين ثانية على أسئلة قصيرة حول العلامة التجارية الخاصة بك، وتكون الأسئلة حول أشياء مثل ألوان الشعار الخاص بك أو غيرها من عناصر هوية شركتك.

لقد أقنعنا الشركات أن نقوم لهم بذلك. في المقابل، فإن الشركات ستدعم واحدًا من المشاريع الموجودة على موقعنا على الإنترنت. نطابق بين الشركات والمشاريع التي تعمل ضمن مجالات اهتمامهم ونصمم ألعابًا بسيطة. لو لعب عدد معين من المستخدمين هذه اللعبة، سوف تقوم الشركة الراعية بدفع مبلغ معين من المال، وسيتم جمع الباقي من خلال الجمهور الذي سيحصل على مكافآت في المقابل.

بهذه الطريقة، يصبح الجمهور أكثر قوة: فهم لا يموّلون مباشرة فقط من خلال دفع المال، ولكنهم يلعبون أيضًا للحصول على دعم الشركات. من خلال كل من الشركات والأفراد يمكننا أن نساعد رواد الأعمال على الحصول على التمويل الكافي لتأمين مشاريعهم.

- كيف ولماذا أثر تنوع خلفيات الفريق على عملك؟ بعض الناس لا يفضلون هذا التنوع أو الشراكة مع الخبراء الدوليين؟

نحن شريكان، إميلي وأنا. لدينا أيضًا ثلاثة أشخاص يعملون معنا، وهم أساسًا شركاء مؤسسون: سيف ومروة وعلوي.. هل سألت هذا السؤال لأن مروة ليست مصرية أم ماذا؟ أنا أمزح.

ربما لم تكن قد التقيت مع إميلي من قبل، إنها هي الأكثر المصرية بيننا. وقد عاشت في مصر لأكثر من سنتين حتى الآن، وتتحدث العربية كما أتحدثها أنا. مع ذلك استطيع أن أقول لك أن هذا التنوع قد ساعدنا كثيرًا. كل واحد منا يأتي من خلفية مختلفة تمامًا ونحن نقدر هذا، إنها نقطة قوة للفريق وتساعدنا على رؤية كل شيء من زوايا مختلفة وبناء فهم أفضل للشرائح المستهدفة على تنوعها.. إن ذلك يحدث فرقًا كبيرًا.

- كم عدد المستخدمين لديك الآن؟

لدينا خمسة مشاريع.. وكان أعلى معدل للنجاح لمشروع "أوراق" وهو منتج عبارة عن مجموعة من البطاقات التي توجه رواد الأعمال في التخطيط من خلال أسئلة.. "أوراق" حققت 144٪ من الهدف الأصلي.

في أقل من عام، وصل عدد المستخدمين المسجلين إلى ٥٠٠ مستخدم.. لعب أكثر من ٢٠٠٠ من المستخدمين الألعاب حتى الآن، ودفع أكثر من ٣٣٠ شخصًا أموالًا لدعم هذه المشاريع.. متوسط المبلغ المدفوع ١٩ دولار.

- ما هي محطتك التالية؟

بصفة عامة هدفنا القادم هو أن نصبح إقليمين وأن نساعد مشروعات أكثر، هذا ما نخطط له حاليًا.

- هل تعتقد أن طريقك المستقبلي سيكون ممهداً؟

التحدي الأكبر هو تعليم السوق. ثقافة التمويل عبر الجمهور ليست معروفه جيدًا حتى لكثير من رواد الأعمال، لذلك تخيل ما هو عليه الحال مع المستخدمين العاديين الذين لا يأتون من خلفية تكنولوجية والذين سيدفعون فعلًا.

نحن نحاول التعامل مع ذلك من خلال تنظيم ورش العمل التي تحكي قصص نجاح حتى يمكن أن يرى الناس تأثير كل المبالغ التي يدفعونها.

- ما هي أهم النصائح التي تود إعطاءها لرواد الأعمال الطموحين؟

إذا كان شخص ما على وشك أن يبدأ مهنة كرائد عمل، فأنا أريد أن أقول له أن الأمور لن تسير دائمًا بالطريقة التي تريدها. عليك أن تكون مرنًا وأن تستخدم كل الموارد التي يمكن الوصول إليها.

تحتاج أيضًا إلى الإيمان بفكرتك.. فقط من هم على قناعة ١٠٠٠٪ قادرون على الاستمرار، أولئك الذين يمكن أن يتخلوا عن المرتب الثابت والسيارة.

- لو أن شخصًا عرض عليك خمسة أضعاف ما تجنيه الآن لتبدأ في إنشاء شركة أخرى في الخارج، هل تفعل ذلك؟

إنها مسألة طريقة الحياة. تعلمت من الرياضة أن هناك دائمًا منافسة في أي مجال في الحياة، وما تحصل عليه يكون بقدر تعبك. لدي الكثير من الإيمان بالله، ولذا فإنني سوف أواصل ما بدأته. ترك شيء أثناء عمله والجري وراء شيء آخر هو الفشل. إذا كنت لا تؤمن بفكرتك كثيرًا فيجب أن تعيد النظر. الناس الذين يجرون وراء أرباح سريعة لا مكان لهم في ريادة الأعمال.

ارسل مقالك الآن أرسل ملاحظاتك