أنت هنا

ما هي خطط الشركات الخضراء الناشئة في مصر؟

ما هي خطط الشركات الخضراء الناشئة في مصر؟ نلقي الضوء اليوم على الشركات الناشئة المهتمة بالقضايا البيئية كمحور أساسي في نموذج أعمالها. ونستعرض اليوم عددا منها تعمل في مجالات إدارة المخلفات، والمياه، والطاقة الشمسية، والتكنولوجيا الزراعية، بل والتجارة الإلكترونية.

هذا الأسبوع، نركز على شركة إدارة المخلفات تجدد وشركة السخانات الشمسية شمسينا. اخترنا هاتين الشركتين لأنهما تقدمان ما يبدو أنه حلول سهلة وبسيطة للمشكلات البيئية والتي يمكن تطبيقها على المستوى المنزلي.

تقوم شركة "تجدد" بجمع وتصدير زيت الطهي المستخدم لإعادة تدويره كوقود حيوي. ويقول نور العسال، الشريك المؤسس لـ "تجدد" إنه على الرغم من تواجد زيت الطهي المستخدم في كل بيت، إلا أن ما يجري استخدامه منه لا يكفي الطلب العالمي نظرا لعدم وجود آلية لجمعه من المصانع والمطاعم والمنازل. ولسد تلك الفجوة، قامت الشركة بتطوير تطبيق "جرين بان" والذي ينظم مواعيد جمعه من البيوت، وقامت بتطوير تطبيق آخر لجمعه من الفنادق والمطاعم والمقاهي. وتقوم الشركة بتصدير زيت الطهي المستخدم للمصافي في الخارج والتي تقوم بتحويلها لوقود حيوي وزيت نباتي مهدرج، وهو وقود حيوي حديث يمكن استخراج وقود الطائرات والسيارات والديزل وغيره منه.

وعبر السنوات أصبح زيت الطهي المستخدم سلعة عالمية. واليوم أصبحت هناك عقود آجلة لشراء الزيت المستخدم، ففي نوفمبر 2020 قال موقع أول برايس "هناك اندفاع نحو زيوت الطهي المستخدمة ودهون الحيوانات لدرجة أن بعض المصافي أبلغت عن صعوبات في الحصول عليها، بعد أن كانت تعد من المواد عديمة القيمة". وتبلغ كمية المخلفات الزيتية وغير الزيتية في كل بيت بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالي 144 دولار سنويا، وهو ما يصل في الإجمالي إلى 21 مليار دولار سنويا، بحسب العسال. وتبلغ قيمة سوق زيت الطهي المستخدم في مصر 14 مليون دولار، وهو 4% فقط من الإنتاج المحتمل والبالغ 352 مليون دولار سنويا. وطبقا لمجموعة فورتشن بيزنس إنتلجنس، من المتوقع أن تصل قيمة سوق زيت الطهي المستخدم عالميا 8.48 مليار دولار بحول عام 2027. وتضيف المجموعة أن هذا النمو يأتي مدعوما بالتوجهات الحكومية نحو مستقبل أكثر توافقا مع البيئة وزيادة الطلب على زيت الطهي المستخدم.

ويعود استخدام "تجدد" بالعديد من المميزات للبيوت والمطاعم على حد سواء. ففي حالة المطاعم متعددة الفروع، يمكن متابعة استخدامها من زيت الطهي والحصول على بيانات تشغيلية قد يصعب الحصول عليها بطريقة أخرى. وبالنسبة للبيوت، يمكن تقديم زيت الطهي المستخدم لمندوبي "تجدد" مقابل حوافز أو هدايا صغيرة لكل لتر منه.

وتقوم حاليا "تجدد" بجمع زيت الطهي المستخدم من ألفي مكان عمل و40 ألف بيت، لتقوم بتقليل الانبعاثات الضارة بمقدار ألفي طن شهريا. وتستهدف الشركة للتوسع لجمع الزيت المستخدم من مليون منزل بحلول 2024 والتوسع في أفريقيا.

ومع بداية جائحة "كوفيد-19" قفزت كميات زيت الطهي التي تجمعها الشركة الناشئة على أساس شهري من البيوت ولكنها انخفضت من محال العمل والشركات، فارتفع إنتاج البيوت ومصانع التجزئة ما بين 30% و40% على أساس شهري، فيما هبط إنتاج الشركات الأخرى. وتضررت بشدة المطاعم الفاخرة، وهي مصدر رئيسي لزيت الطهي المستخدم، بسبب الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار الفيروس، لينخفض إنتاجها بحوالي النصف. ويقول العسال "أغلقت ما بين 30-40% من الشركات التي نتعامل معها أبوابها" ولكن بحلول سبتمبر وأكتوبر، حدث تعافي بسيط مع رفع إجراءات الإغلاق وعودة الحياة لطبيعتها إلى حد ما بسبب ما خلفته الجائحة من إرهاق.

وبينما تجمع "تجدد" المخلفات من البيوت، تقوم "شمسينا" باستخدام الطاقة المتجددة لتوفير المياه الساخنة الأساسية لها. وترفع الشركة الناشئة شعار "الشمس للجميع"، وتقوم بتصميم وتصنيع وتوصيل سخانات الطاقة الشمسية المصنوعة محليا وتوفيرها "لجميع المصريين" الساكنين في المناطق المفتقرة للكهرباء وحتى المهتمين بالاستخدام الواعي للطاقة.

وتقول دينا موسى مؤسسة "شمسينا" إنه لا توجد حاليا وسيلة مناسبة للحصول على مياه ساخنة في مصر، لأن الوسائل التقليدية مليئة بمشكلات الصحة والأمان والبيئة. وتوضح موسى "لا يستطيع 50% من سكان مصر الحصول على سخان حديث للمياه، لذلك يستخدمون مواقد الكيروسين والغاز والنيران"، وهي وسائل تنطوي على مخاطر على الصحة والأمان وتنشر الملوثات البيئية الضارة وتتسبب في نشوب الحرائق واستنشاق الأدخنة. وتضيف موسى أن البيوت التي تستخدم سخانات الكهرباء شهدت زيادة في فواتير الكهرباء منذ 2016 بسبب تعويم الجنيه وخفض الدعم. وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن ترتفع أسعار الكهرباء لحوالي الضعف على مدار السنوات الأربع المالية المقبلة مع اتجاه الحكومة لرفع الدعم بالكامل.

ولكن لا تخلو السخانات الشمسية من العيوب الخاصة بها، وأبرزها تكلفتها المبدئية المرتفعة التي تحاول "شمسينا" التغلب عليها عبر نظام الدعم المتبادل، والذي يتضمن تقديم أسعار أعلى للمنتج للشرائح العليا من العملاء لتوفير نفس المنتج بأسعار مدعمة للعملاء الأقل دخلا. وتتوفر السخانات الشمسية للاستيراد من الخارج ولكنها باهظة الثمن بالنسبة للبيوت الأقل دخلا. وتقول موسى "إنتاجنا المحلي يساعد على إحياء الصناعة ويقوي من خبرتنا لكيفية تصنيعها". وتضيف"ومن خلال نظام الدعم المتبادل، تتيح شمسينا الحصول على السخانات الشمسية بشكل واسع، لنصل إلى كافة أنحاء البلاد وخاصة تلك التي تعاني بشكل أكبر"، وهو ما يتيح بيعها بحوالي 500 دولار للعملاء الأعلى شريحة و100 دولار للشرائح الأقل.

وقامت الشركة ببيع 25 سخانا شمسيا كنماذج أولية وتعتزم الإطلاق الرسمي لها بنهاية العام الجاري. وتصنع الشركة السخانات في ورشة بمنطقة الدرب الأحمر، التي ألهمت المبادرة. ونجحت الشركة في جذب تمويل من مؤسستي "ديفيس بروجكتس فور بيس" ومنظمة سينرجوس غير الحكومية الأمريكيتين. كما تسعى الشركة لإطلاق جولة تمويل تأسيسي للحصول على 50 ألف دولار.

ارسل خبرك الآن أرسل ملاحظاتك