أنت هنا

كيف تغيرت تكنولوجيا التعليم خلال 2020 من منظور الشركات المصرية الناشئة في المجال؟

كيف تغيرت تكنولوجيا التعليم خلال 2020 من منظور الشركات المصرية الناشئة في المجال؟ أدت جائحة "كوفيد-19" لازدهار الاعتماد على تكنولوجيا التعليم والتعليم عن بعد عالميا خلال 2020، حتى أصبحت التكنولوجيا جزءا لا يتجزأ من العملية التعليمية. وفي مصر، اضطر عدد من الشركات الناشئة في القطاع لتقديم أنشطتها عبر الإنترنت أو تقديم المزيد من الخدمات عن بعد، ولكن بالنسبة للجزء الأكبر، حققت تكنولوجيا التعليم الناشئة طفرات كبيرة في عدد المستخدمين. وعلى الرغم من القفزات الكبيرة في معدلات الاستخدام، لم يحقق القطاع الصدارة في كم الاستثمارات الموجهة له عام 2020، مقارنة بقطاعي التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية اللذان اقتنصا نصيب الأسد من رأس المال المخاطر العام الماضي.

وألقينا نظرة على التوجهات في قطاع تكنولوجيا التعليم من منظور 5 شركات ناشئة مصرية ضخت استثمارات خلال العام الماضي، وطرحنا عليها أسئلة عن التأثير الذي تعرض له القطاع محليا، وكذلك أثر التحول للتعليم عن بعد على نموها. وحققت معظم الشركات طفرة في عدد مستخدميها، ولكن أدت إتاحة مواد تكنولوجيا التعليم على الإنترنت لصعوبة التمييز بين الشركات التي حققت نجاحا خلال العام. وعلى الرغم من أن بعض الشركات واجهت صعوبات على مدار العام الماضي، يبدو 2021 عاما واعدا لتلك التي نجحت في تحمل تلك الصعوبات.

وبالأرقام، جذب القطاع عالميا 16.1 مليار دولار من استثمارات رأس المال المخاطر خلال 2020، وفق شركة بيانات سوق التعليم هولون آي كيو. وبحسب إحصاءات إنتربرايز، جذبت شركات تكنولوجيا التعليم المصرية 5 استثمارات خلال العام، 3 منها لشركات مرتبطة بشركة رأس المال المخاطر إدفنتشرز، الذراع الاستثمارية في مجال التعليم والثقافة وحلول التعلم المبتكر التابعة لمجموعة نهضة مصر للنشر. وتضم محفظة إدفنتشرز 8 شركات ناشئة، سنتناول ثلاث منها فيما يلي. وتعتزم إدفنتشرز ضخ استثمارات في 5 إلى 7 شركات ناشئة خلال العام الجاري، على أن تصل قيمة الصفقة الواحدة إلى نحو 200 ألف دولار مع إمكانية توفير تمويل إضافي في وقت لاحق.

التوجه الأول: أدى "كوفيد-19" لتحول تركيز تكنولوجيا التعليم من نظم الإدارة إلى التدريس. ويقول ماجد حربي، المدير العام لشركة إدفنتشرز، "قبل كوفيد-19 كان التوجه يسير نحو نظم إدارة التعليم ونظم إدارة المدارس.. وبعد كوفيد-19، تحول التوجه نحو التدريس بسبب إغلاق المدارس لفصولها"، حسبما صرح لإنتربرايز.

التوجه الثاني: تحولت الخدمات الشخصية لخدمات إلكترونية ومعها زاد عدد المستخدمين. فتقوم شركة "إي يوث" الناشئة بمنح الشهادات للمدربين وتأهيلهم لتقديم دورات تدريبية عن التعامل بين الشركات وبعضها وبين الشركات والعملاء في مجالات ريادة الأعمال والمهارات الشخصية والتطوير المهني. وتفتخر الشركة بنسب الوصول للعملاء في أنحاء مصر، حيث يتواجد نحو 75% من مستخدمي موقعها الإلكتروني وعددهم 230 ألف شخص خارج القاهرة. ويقول الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، مصطفي عبد اللطيف، إن "كوفيد-19" شجع شركته على التحول لتقديم خدماتها إلكترونيا، موضحا أنها أتاحت لمن لا يستطيع الحضور للتدريب شخصيا أن يشاركوا فيه عن بعد.

التوجه الثالث: التغلب على عقبة توقف السفر الدولي، فقبل الجائحة، كانت أنشطة منصة "مرجع" الإلكترونية تنصب على مساعدة الطلاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الحصول على المنح الدراسية المناسبة للدراسة في الخارج، وعندما تفشى الوباء قامت بطرح خدمتين إضافيتين لمساعدة الطلاب على الوصول إلى الجامعات التي يرغبون في الدراسة بها والعديد من الدورات التعليمية المفتوحة والضخمة عن بعد، بحسب مؤسس المنصة سامي الأحمد.

وكانت لدى العديد من الشركات بالفعل خدمات التعليم عن بعد قبل الجائحة، فعلى سبيل المثال كانت منصة "أو تي أو كورسز" تقدم دورات تعليمية عن بعد منذ نشأتها عام 2017، فلم تحتاج إلى تغيير عملياتها أو خططها للتطوير، بحسب المؤسس والرئيس التنفيذي طارق نور الدين، في تصريح لإنتربرايز. واتضح تأثير "كوفيد-19" في زيادة قبول التعليم عن بعد كأداة، بحسب نور الدين، الذي يوضح أن منصته تقدم عددا كبيرا من الدورات الشخصية المتخصصة وخاصة في مجال تعليم الإنجليزية.

التوجه الرابع: أدت الجائحة لطفرة كبيرة للشركات التي كانت تقدم خدماتها عن بعد بالفعل.

والدليل الأول على ذلك يتمثل في تطبيق "أخضر" الذي يقدم ملخصات الكتب الصوتية، والمتاح إلكترونيا منذ تدشينه، والذي لم يتأثر سلبا جراء الجائحة. وتمكن التطبيق من زيادة عدد موظفيه إلى 57 شخصا يعملون جميعا عن بعد، وزيادة عدد الكتب التي يقدمها إلى ألف ملخص صوتي. ويقدم التطبيق ملخصات بالصوت والصورة لكتب تنتمي إلى 16 نوعا. ويبلغ عدد مستخدمي التطبيق 300 ألف شخص ويزور موقعه 150 ألف شخص شهريا، بينهم 25% فقط من المصريين. ويقوم المستخدمون بالاستماع أو مشاهدة ملخصات لـ 7 ملايين كتاب شهريا. ونجحت الشركة الناشئة في الحصول على تمويل من 6 أرقام في جولة استثمارية بداية العام الجاري من إدفنتشرز، والذي ستستخدمه لتطوير الخدمات المقدمة للمستخدم وزيادة عدد ملخصات الكتب التي تعرضها.

ويتمثل الدليل الثاني في زيادة عدد المتدربين في "إي يوث" شهريا إلى 30 ألف خلال 2020 مقابل 5 آلاف فقط قبل الجائحة. وفي المجمل، قفز عدد المستخدمين بنسبة 75% على أساس سنوي، كما بدأت الشركة في تقديم خدماتها لـ 7500 شخص في السعودية. وتقوم حاليا الشركة الناشئة، التي يبلغ حجم الاستثمارات بها 500 ألف دولار، بجولة تمويلية أولى تستهدف جمع 3.5 مليون دولار لإطلاق منصة تقدم برامج مسجلة لدورات تدريبية تعليمية وبرامج غير معتمدة مقابل رسوم اشتراك ثابتة. كما ستتيح المنصة خدمات مميزة تتضمن برامج ومدربين وشهادات معتمدة إضافة لدورات تدريبية بالبث المباشر.

التوجه الخامس: عززت الجائحة أيضا طلب المستخدمين من الشركات التي تؤدي خدماتها إلى شركات (B2B): حتى سبتمبر 2020، انصب تركيز عملاء شركات B2B على تجنب الصعوبات وأجلوا معظم خططهم للاستثمار في تنمية المهارات والتعليم. وعند هذه النقطة زاد الطلب، وحققت هذه الشركات نموا كان من الطبيعي أن يستغرق عامين في غضون أشهر قليلة فقط، وفقا للمؤسس المشارك ورئيس الشؤون التجارية لمنصة زدني باسل خطاب. وأضاف أن قاعدة عملاء زدني تتوسع بالتزامن مع زيادة الاهتمام في دمج حلول التعلم الإلكتروني في أقسام التطوير والتعلم في الشركات.

وبصورة عامة، كان إنشاء قاعدة مستخدمين للشركات التي تؤدي خدماتها لأفراد (B2C) أسهل خلال العام الماضي، إذ ضاعفت أو تي سي كورسز قاعدة مستخدميها، بإجمالي 25 ألف متعلم، وعدد الجلسات التي عقدت والمدرسين بإجمالي استثمارات تجاوز 300 ألف دولار. وفي عام 2021، تستعد المنصة لإطلاق تطبيق على الهاتف المحمول وزيادة الاستثمار في تقنيتها وإضافة المزيد من الأدوات التفاعلية عبر الإنترنت وزيادة قاعدة مستخدميها من ضعفين إلى ثلاث أضعاف. فيما تفتخر منصة مرجع، التي يسجل عليها أكثر من 1000 شخص يوميا، بنحو 2.5 مليون زائر شهريا، الرقم الذي تخطط لمضاعفته إلى 5 ملايين هذا العام. وساعدت الزيادة في الكيانات التعليمية، التي تدفع للمنصة ليتم وضعها على الموقع الإلكتروني، على زيادة إيرادات الشركة الناشئة في 2020.

لكن هذا التحول العالمي تسبب أيضا في بعض المشكلات، فبعد أن كان الناس يسعون سعيا حثيثا للحصول على فرص تدريب عبر الإنترنت على مدار ثلاث أو أربعة أرباع (السنة)، تخلوا عن الأمر بسبب التجارب السيئة، بحسب نور الدين. وكان لزيادة الوعي بشأن التعلم عبر الإنترنت وعدد من الدورات التدريبية عبر الإنترنت تأثيرا على جودة التعليم عبر الإنترنت بشكل عام، ودفع المزيد من المستخدمين للشعور بالملل بسبب الدورات التدريبية الضعيفة.

وقصرت جائحة "كوفيد-19" التعلم الإلكتروني على مجموعة من المكالمات عبر تطبيق زووم، ما قلل مشاركة الطلاب. وهذا التوجه، وفقا لما يراه خطاب، مقترنا باتصال غير كاف بشبكة الإنترنت في جميع أنحاء البلاد، جعل التجربة أسوأ مما كانت لتكون عليه لو عقدت في قاعة دراسية بحضور الطلاب. وتستخدم المنصة المدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي دورات تدريبية عبر الإنترنت وملخصات من مقاطع الفيديو المتحركة لأفضل نماذج الأعمال التجارية لوضع الموظفين والمديرين والأفراد على طريق التعلم والتطوير الوظيفي، والتي تشمل معارف اجتماعية وسلوكية وأخرى تتعلق بالأعمال التجارية فضلا عن الأدوات المكتبية والرقمية.

ومن المحتمل أن تظل منصات التعلم عبر الإنترنت جزءا من المشهد التعليمي من الآن فصاعدا. ويعتقد سامي الأحمد من منصة مرجع، إن الجامعات لن تصبح قادرة أبدا على العودة للدراسة في الحرم الجامعي بنسبة 100%. مع ذلك، لا يزال ضعف الاستثمار المحلي في حلول تكنولوجيا التعليم مستمرا. وأوضح الأحمد أن معظم المستثمرين المحتملين في القطاع يأتون من الخارج، وهناك فجوة تمويلية واضحة بعد التمويل التأسيسي في السوق.

مع ذلك، يبدو أن 2021 عام واعد للشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا التعليم. ويخطط الأحمد، الذي يعتبر هذا العام هو عام الحصاد، لزيادة عائدات الشركة بمقدار 10 أضعاف بعد إضفاء بعض التطوير على المنصة. وقال إن خطط هذا العام ستشهد "المزيد من النمو، والشركاء، والموظفين." ومن جانبها، تتطلع منصة زدني إلى أول جولة استثمارية محتملة لتمويل رأس المال. وتخطط المنصة الآن للاستفادة من تدفق الطلبات على حلول الشركات للعملاء بعد تركيزها بشكل رئيسي على حلول الشركات إلى الشركات في عام 2020.

 

ارسل خبرك الآن أرسل ملاحظاتك