أنت هنا

هل تريد أن تصافح صديقك على الناحية الأخرى من العالم؟.. ليس حلمًا بعيدًا!

منذ 8 سنوات 3 أشهر

تخيل أنك تتفقد هاتفك المحمول، تتصفح الصور وتستقبل الرسائل النصية وتسمع بعض الموسيقى وتشاهد مقطع فيديو ملهم على يوتيوب، وبجانب كل هذا يمكنك أن تستخدم هاتفك لتبني قلعة من قطع الليجو (المكعبات) والتي ليست في غرفتك أصلًا.. بل هي على بعد آلاف الكيلومترات من حيث أنت!

إنها هدية أخرى تهديها إلينا الإنترنت: القدرة على التواصل باللمس عبر الشبكة.

منذ عشرين عاماً مضت، أطلق تيم بيرنرز لي شبكة الإنترنت. كانت في البدء عبارة عن شبكة لا متناهية من أجهزة الكمبيوتر التي تطورت لاحقًا لإنترنت الموبايل، الذي صار يربط بين بلايين التليفونات الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، ميسرًا تبادل الأصوات والبيانات والمحتوى متعدد الوسائط في أي وقت.

الآن وبينما يسيطر إنترنت الأشياء على العالم، ويربط بين تريليونات الأشياء والأجهزة، فإننا نقف ثانية على عتبة قفزة تطورية هائلة للإنترنت: شبكة الإنترنت اللمسية Tactile Internet. في غضون العشرين عامًا التالية، ربما يصبح لدينا شبكة لاسلكية يمكنها أن ترسل وتستقبل كميات ضخمة من البيانات في أقل من جزء من الألف في الثانية. سرعة كهذه تحاكي السرعة التي يستجيب بها الإنسان إذا لمست يداه شيئًا ساخنًا مثلا -ومن هنا جاء كلمة "اللمسية"-. وهذا يعني أنه سيصبح بإمكاننا أن نتحكم في الأشياء افتراضيًا من أي مكان في العالم باستخدام تليفون محمول مثلًا ونظل نشعر أن هذه الأشياء أمامنا وفي متناول يدينا مباشرة.

ما المثير في هذا الأمر؟

إننا بصدد شيء سيحقق -على نطاق واسع- تفاعل الإنسان مع الآلة وتفاعل الآلة مع الآلة، ويحدث ثورة في تطبيقات عدة؛ بداية من الروبوتات والتواجد عن بعد والواقع الافتراضي والواقع المعزز والرعاية الصحية والتعليم وحتى الألعاب!

لكي تتخيل أكثر، نشر مارك زاكربيرج مقطع فيديو مؤخرًا يعرض تقنية توي بوكس ToyBox الخاصة بشركة أوكيولس للواقع الافتراضي Oculus VR. تسمح لك التقنية بحمل وبناء الأشياء والمشاركة في ألعاب مثل البينج بونج مع صديق لك يجلس في الطرف الآخر من العالم، وتشعر أنك تمارس هذا بينما كلاكما في نفس الغرفة. تخيل أن شبكة الإنترنت اللمسية ستجعل تطبيقات كهذه شيئًا عاديًا نستخدمه كل يوم.

فمثلا؛ يمكننا أن نصنع فصولًا افتراضية نستخدم فيها تقنيات الواقع الافتراضي لنتعلم لو كنا في فصل حقيقي. فبدلًا من أن تجلس في محاضرة التاريخ شاعرًا بالملل والانفصال التام عن موضوع الدرس، يمكنك أن تتجول في شوارع روما القديمة وتشعر أنك تلمس الآثار بيديك.

وبالمثل فإنه يمكنك أن تتعلم مهارات جديدة مثل الطيران أو ركوب الأمواج من خلال برامج محاكاة شبه حقيقية وكل ذلك في غرفة معيشتك. يمكنك أن تجري محادثة مع شخص في أي مكان في العالم وتشعر أنه يجلس على الأريكة أمامك، بل ويمكنك مصافحته إذا أردت.

سيتمكن الأطباء كذلك من فحص وتشخيص مرضاهم بل وإجراء العمليات الجراحية عليهم خلال الإنترنت باستخدام الجراحة الروبوتية عن بعد.

ما مدى سرعة هذه الشبكة؟

لكي تستطيع شبكة الإنترنت اللمسية تحقيق ما تعدنا به، فإن عليها أن تتغلب على عدة تحديات تواجه شبكة الإنترنت الحالية. البيانات التي نتعامل معها اليوم ليست آمنة تمامًا، فهي تأخذ الكثير من الوقت لتكمل رحلتها من مكان إرسالها لمكان استقبالها، وتواجه العديد من الانقطاعات في النظام. أما الإنترنت اللمسية فستوفر وقت تأخير قليلًا للغاية، بالإضافة إلى أمان ودقة لامتناهيين في نقل البيانات.

باستخدام شبكة الإنترنت اللمسية سيمكنك أن تحرك إصبعك وتخلق استجابة ما في وقت يقل عن جزء من الألف من الثانية، وهو أسرع بمائة مرة مما توفره أسرع الشبكات الحالية.

هل نحتاج لهذه السرعة فعلًا؟

في الواقع نعم. خلال تعاملاتنا اليومية نتفاعل مع الأشياء من حولنا بسرعة شديدة. وبالمثل فإننا نتوقع عندما نتعامل مع الأجهزة أن تتفاعل معنا بنفس السرعة أو سرعة مقاربة لها، وإلا فإننا نشعر بأن شيئًا ما ليس على مايرام.

في مكالمة تليفونية على سبيل المثال، إذا لم يصلك صوت محدثك خلال أقل من 0.1 ثانية ستشعر أن هناك تأخيرًا في وصول الصوت، بينما يزعجك أي مقطع فيديو إذا استغرق أكثر من 0.01 ثانية بين كل كادر والذي يليه.

التحدي الكبير يأتي عندما يكون عليك أن تحرك إصبعًا أو طرفًا من أطرافك لتصنع ردة فعل في شكل صورة أو صوت. مثلما يحدث في ألعاب الواقع الافتراضي، كالتحكم في الصور ثلاثية الأبعاد باستخدام عضا تحكم مثلًا. هنا لا بد ألا يتجاوز الوقت بين حركتك وردة الفعل المتوقعة أكثر من 0.001 من الثانية، وإلا فإنك ستشعر بدوار يشبه قليلًا دوار البحر.

لا تتطلب شبكة الإنترنت اللمسية أن توفر سرعة استجابة فائقة فحسب، بل على البنية التحتية الرقمية أن تتأقلم مع مثل هذه المتطلبات كذلك. سنكون بحاج إلى شبكة بيانات أسرع بمائة مرة من شبكة الجيل الرابع الحالية، وربما يستغرق الأمر عقدًأ من الزمن أو أكثر لكي تبدأ شركات الاتصالات في أخذ خطوات استثمارية جادة في هذه الشبكة الجديدة. لكن الخبر الجيد أن شركة إريكسون وجامعة الملك بلندن أعلنتا بدء تعاون مشترك بينهما في مشروع بحث علمي على الجيل الجديد من التكنولوجيا اللاسلكية 5G، والتي ستكون سريعة كفاية لتخلق شبكة من الأجهزة التي تتفاعل لحظيًا وتحاكي التجارب الحقيقية.

إذا استطعنا التغلب على هذه المعوقات وإيجاد حلول للمشكلات الكبرى التي تواجه تطوير هذه الشبكة، فستتاح الفرصة للعديد من التطبيقات والمنتجات والخدمات الجديدة. وسيكون هذا محيطٌ ضخمٌ من الفرص يمكن للشركات الناشئة وبرامج البحث في الجامعات الغوص فيه. إذ يمكنهم توقع التغيير القادم واستغلاله لاكتشاف الخدمات المتنوعة ومستويات الابتكار الجديدة التي يمكن تحقيقها لمجتمعنا.

في رأيك ما الذي يمكن لرواد الأعمال المحليين عمله ليركبوا هذه الموجة الضخمة قبل أن تبدأ؟

 

ارسل مقالك الآن أرسل ملاحظاتك