أنت هنا

من رسومات الكهوف وحتى الحوسبة السحابية: كيف انتقل الفن المصري للعصر الرقمي؟

كيف انتقل الفن والثقافة المصرية للعصر الرقمي؟ يعود الاهتمام بحفظ التاريخ وتسجيل أحداث الواقع الحالي إلى عصور رسومات الكهوف ما قبل التاريخ. وقد تغيرت أشكال تسجيل التاريخ عبر القرون من خلال استخدام الأساليب التكنولوجية المستحدثة في كل عصر. فحتي وقت قريب، كان تسجيل الأرشيف من اختصاصات المؤسسات الكبرى مثل المتاحف والحكومات، ولذلك لم يكن ما يصلنا من روايات محايدا دوما، لكن يكتبه من يملك القوى والإمكانات. ولكن مع ظهور الإنترنت، تغير كل ذلك.

اليوم، لا يعد الأرشيف أداة لحفظ ما تود السلطة أن تمرره للتاريخ، بل مخزنا للذاكرة الجماعية، بحسب موقع آرت ورك أركايف. ويمكن لذلك أن يجذب الأنظار إلى الفنانين غير المعروفين من خلال تقديمهم لسوق الفن، كما يمكن أيضا المهمشين من الحصول علي فرصة ثانية للشهرة عبر الباحثين، الذين أصبح بإمكانهم اكتشاف المحتوى بشكل غير مسبوق. ويكمن جزء مهم من وظيفة المسؤولين عن الأرشيف في ترتيب وتنقية كميات من المعلومات، فدون ذلك قد يتسبب الإغراق في عدم استيعابنا لما يقدم.

حظيت مصر بنصيبها من موجة الهوس بالأرشيف خلال العقد الماضي، وتراوحت المبادرات بين الفنية والسياسية والباعثة على الحنين للماضي، عبر المنصات الرقمية وكذلك على أرض الواقع. لجأ الفنانون لحفظ الأرشيف كأسلوب مقاومة لمنع نسيان أحداث 2011 وما تبعها، وجمعوا الوقائع بعدة طرق. ومن بين تلك المبادرات موقع 858، الذي أنشأته مجموعة من صناع الأفلام صغار السن، ورفعوا عليه 858 ساعة من مقاطع الفيديو التي التقطها شهود العيان خلال تلك الفترة. وتقدم منصة وثائق التحرير مجموعة من اللافتات وورق الدعاية المستخدم إبان الأحداث في هيئة مستندات بي دي إف.

الجامعة الأمريكية في القاهرة واحدة من كبرى المؤسسات التي أدركت أهمية الاحتفاظ بأرشيف إلكتروني يتضمن مستنداتها التاريخية وصورا وتسجيلات متاحة للجمهور، وكذلك المستندات الأكثر ندرة والأبحاث الخاصة بطلابها، عبر بوابة "دار" الخاصة بالجامعة.

انتقلت معارض الفنون المصرية للإنترنت أيضا، وبينها معرض تام جاليري الذي شاركت في تأسيسه لينا موافي كمعرض فني إلكتروني. ويضم المعرض أكثر من 9 آلاف عمل لـ 500 فنان. وتحدث إنتربرايز مع موافي في حلقة سابقة من بودكاست "Making It" باللغة الإنجليزية (استمع 29:19 دقيقة).

آخرون سجلوا الأرشيف بطرق غير تقليدية، تضمنت إنتاج وثائقيات مثل "وومانهود" الذي يستخدم شهادات الفيديو لتسجيل الوقائع، أو إنتاج المسرحيات التي تقدم تاريخ مصر اعتمادا على الأرشيف أيضا.

كما يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تلعب دورا كمساحة أرشيفية بديلة، فحساب "هيستوري كوليكتيف" يقدم مجموعة من الأحداث والظواهر المختلفة تتضمن موسيقى الجاز المصرية والثورة النسوية وتأثير ظاهرة التفوق الأبيض العنصرية في مصر. أما حساب "فنانين مصر" فيقدم تناولا أكثر حداثة للأرشيف، من خلال تقديم الفنانين المصريين المعاصرين وأعمالهم من رسومات وفنون رقمية ومنحوتات وتصوير فوتوغرافي.

وقد تكون وسائل التواصل الاجتماعي مخزنا للصور، لكنها ربما لا ترتقي لما يتطلبه إنشاء أرشيف حقيقي. وتقول الباحثة لوسي ريزوفا إن العشرات من مجموعات فيسبوك التي تنشر صورا لمصر في بدايات القرن العشرين بصفتها "الزمن الجميل" خير مثال على ذلك، فهذه المجموعات تخرج الصور عن سياقها، وقد تخلص إلى مفاهيم خاطئة، مثل أن كل شيء كان رائعا في الماضي، وذلك بالنظر إلى محتوى الأرشيف بسطحية.

 

مصدر المقال والصور من هنا

 

ارسل مقالك الآن أرسل ملاحظاتك