أنت هنا

لماذا تعاني الشركات الناشئة في مصر؟ (الجزء ٢/١)

نظرة على خصائص الثقافة المصرية و تأثيرها على المستهلك

صاحب الشركة: يا رأفت عايزين نزود المبيعات شوية من الموقع بتاعنا – المنافسين أكلوا السوق

رأفت :يا محسن بيه احنا كل يومين بنعمل عروض وخصومات وبيجيلنا زيارات كثيرة للموقع

محسن: و بيشتروا حاجة ؟

رأفت: هما بيتفرجوا و ده كويس علشان نبيع

محسن: طيب عايزين نحسن واجهة الموقع

رأفت: احنا من شهرين عملنا تصميم جديد و صرفنا عليه آلاف الجنيهات

محسن: طيب جربتم تعملوا اعلانات على فيسبوك و جوجل ؟

رأفت: بنصرف شهرياً ٢٠ ألف دولار اعلانات

محسن: كويس بس هل المنتجات عندنا متنوعة كفاية ؟ وأسعارها مناسبة ؟

رأفت : عندنا فوق الألفين صنف و في حاجات غير موجودة في أي محل في مصر

محسن : أومال المشكلة فين ؟؟

سؤال محسن بيه منطقي وله إجابة منطقية لكن يحتاج أولاً لنظرة في خصائص الثقافة المصرية طبقاً لمؤشر هوفستيد للثقافات.

من هو هوفستيد ؟

جيرت هوفستيد هو عالم هولندي في علم النفس الإجتماعي يبلغ من العمر حالياً ٨٦ عام وموظف سابق في شركة IBM الأمريكية ويعمل حالياً بالتدريس في جامعة ماستريخت الهولندية حيث يقوم بتدريس الآنثروبولوجيا المؤسسية والإدارة الدولية.

أهم أعمال هوفستيد هى نظرية الخصائص الحضارية Culture dimensions theory، هذه النظرية تشرح ستة خصائص مميزة وجد هوفستيد أنها تشكل وجدان الشعوب وموروثها الثقافي وبالتالي واقعها ومستقبلها لأنها تؤثر تأثيراً عظيماً في جميع نواحي حياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ويمكنك التعرف على هوفستيد بصورة أكبر من خلال الويكيبيديا هنا. كما أن بيانات المؤشر للعالم كله موجودة على هذا الموقع المتخصص.

التأثير الاقتصادي لنظرية هوفستيد هو محور حديث هذا المقال

أول هذه الخصائص هو مؤشر مسافة القوة Power Distance وهو يعبر عن مدى تقبل المجتمع لفكرة عدم توازن القوة بين أعضاء المجتمع، أى أنه كلما زادت قيمة المؤشر لدى مجتمع ما فهذا المجتمع يعتقد بصورة أكبر في التفاوت في القوة داخل المؤسسات بين المدير والمرؤسين أو بين الأب و الأم في المنزل. ويظهر هذا التفاوت بقوة عند النظر على أمثلة للدول طبقاً لمقياس المؤشر والذي يتراوح بين ٠ –إلى ١٢٠ وكلما زادت قيمة المؤشر عبّر ذلك عن إيمان أكبر بفكرة اختلاف القوة.

فمثلاً نجد أن من أقل الدول في هذا المؤشر دولة الدنمارك والتي تسجل ١٨ وهذا يعني أن الشعب الدنماركي لا يعتقد بوجود فوارق كبيرة في القوة بين الرئيس وموظفيه وكذلك بين الرجال والنساء داخل المنزل. ولو تحركنا جنوباً لدولة ملاصقة وهي ألمانيا نجد أن المؤشر يزداد ليصل لـ٣٥ أي أن الشعب الألماني يبجل فروق القوة بصورة أكبر، بينما نجد في روسيا وهي دولة ليست بعيدة جغرافياً أن هذا المؤشر يقفز ليصل ٩٣ وهي من أعلى الدول وذلك يعني أن الشعب الروسي ينظر لفروق القوة في المجتمع كحقيقة راسخة.

تسجل مصر ٧٠ على نفس المؤشر وهو رقم متوسط في ثقافات العالم ولكنه يميل للارتفاع ويجعلنا من الثقافات التي تؤمن جداً بفروق القوة.

يغطي هذا الجزء من المقال نظرية الخصائص المجتمعية لهوفستيد ومؤشر مسافة القوة، يعرف القراء على هذا المؤشر ويعرفهم أين تقع مصر عليه. ثم في الجزء الثاني من المقال، سيتعرف القراء على العلاقة بين مؤشر مسافة القوة والشركات الناشئة وكيفية استخدامه وتطبيقه في مصر لمساعدة الشركات الناشئة على النجاح وعلى دخول السوق بسهولة. يهدف المقال كاملاً على تقليل معاناة الشركات الناشئة في مصر. 

ارسل مقالك الآن أرسل ملاحظاتك