أنت هنا

تحليل تأثير وباء كورونا على بيئة الأعمال

مع انتشار الأوبئة والأمراض، كوباء كورونا، يجب على الإدارات العليا في الشركات إعادة النظر في نماذج الاعمال الحالية وأخذ هذا المتغير البيئي بعين الاعتبار حيث أنه سوف يؤثر في الاقتصاد بشكل أو بآخر. مع تزايد الخطر من انتشار وباء كورونا حول العالم تظهر الحاجة إلى اتخاذ بعض الإجراءات الاحتياطية تجنباً لتفشي الوباء، وفي نفس الوقت الحفاظ على سير العمليات في الشركات لتقليل حجم الضرر الاقتصادي.

كيف تؤثر الأوبئة على الاقتصاد بشكل عام وبيئة العمل بشكل خاص؟

على صعيد الاقتصاد الجزئي:

الكوارث بما فيها الأوبئة تدفع الأعمال إلى تبني تقنيات ونماذج أعمال جديدة. حينما تفشى وباء سارس عام ٢٠٠٣ ظهر معه تبني لمفهوم التسوق الإلكتروني لدى المستهلكين الصينيين، ما أدى إلى تسارع نمو منصة علي بابا الشهيرة للتجارة الإلكترونية.

وحيث أن المدارس في اليابان قد أغلقت، وتم تعليق الدراسة في مصر وعدد من الدول العربية وقد تغلق أيضاً المدارس في الولايات المتحدة وغيرها من الدول وظهر تبني لمفهوم الدراسة عن بعد بشكل أوسع، كذلك ظهرت تجربة تقنية لاحتواء وباء كورونا في مدينة ووهان الصينية والتي قد تكون تجربة يحتذى بها في جميع أنحاء العالم حال التعرض لوباء مماثل، حيث قامت الصين بتتبع درجة حرارة المواطنين عبر تطبيق للهاتف المحمول، والذي يظهر المواطن ودرجة حرارته اللحظية ومكانه على الخريطة، فهل يزداد التوجه لتبني التكنولوجيا بشكل أكثر عمقاً لمواجهة الكوارث والأوبئة؟

على صعيد الاقتصاد الكلي:

بالفعل أدى انتشار وباء كورونا إلى تحفيز التقدم في إعادة هيكلة سلاسل الإمداد والتوجه إلى اللامركزية في التصنيع، وبخاصة أن وباء كورونا قد أضاف أبعاد بيولوجية وسياسية جديدة أدت بدورها إلى تغيير النموذج السابق لسلاسل الإمداد. وباء كورونا هذا المتغير البيئي هو أحد المتغيرات التي يتم دراستها وتحليلها ضمن أداة تحليل استراتيجي معروفة لدى رجال الإدارة الاستراتيجية ورجال التسويق باسم تحليل PEST \ PESTEL.

وفيما يلي سنعرض إلى الفرص والتحديات التي من المحتمل أن تحدث نتيجة لتفشي وباء كورونا١٩ COVID19 من خلال تحليل PEST

الفرص والتحديات السياسية:

الترقب الحكومي:

حيث يتم النظر ومقارنة الحكومات من حيث سرعة ردود افعالها تجاه حالات الطوارئ، فقد يؤدي تفشي وباء كورونا إلى الكشف عن عدم جاهزية العديد من الحكومات لمواجهة أوبئة مثل كورونا ١٩، خاصة في الحكومات الاستبدادية كحكومة الصين، ما قد يؤدي إلى انخفاض مستوى رضاء المواطنين، وقد يؤثر ذلك في دول أخرى كالولايات المتحدة الامريكية مع تزامن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. ولكن قد يكون الترقب الحكومي غير مؤثر في بعض البلدان، وقد لا يؤثر في البعض الآخر.

التغيرات في الميزان التجاري:

حيث يستمر وباء كورونا في الانتشار عالمياً، ستبدأ العديد من الدول في إدراك مدى اعتمادية سلاسل امدادها على دول أخرى، على وجه الخصوص تلك التي سلاسل إمدادها قد تعطلت نتيجة لانتشار الوباء، بما فيها سلاسل الامداد الخاصة بالأقنعة الطبية، حيث قد تقوم بعض الدول مستقبلاً بالبدء في التصنيع المحلي للأقنعة الطبية تحسباً لأي حالات طارئة مماثلة في المستقبل لا قدر الله.

الفرص والتحديات الاقتصادية

تدني أداء الأسواق المالية:

وهو أحد عواقب تفشي وباء كورونا كما حدث في الأسواق المالية الصينية، والأمريكية، ومن المتوقع أن تستمر الخسائر مع زيادة تفشي الوباء، وهناك مخاوف من أن يترتب على هذه الخسائر المستمرة حالة من الكساد الاقتصادي العالمي، حيث سيقوم المستثمرين بسحب رؤوس أموالهم من الاستثمار في الأسواق المالية لحماية استثماراتهم من التقلبات الاقتصادية الغير متوقعة في الفترات التالية لتفشي الوباء.

نقص الكفاءات في سوق العمل:

مع زيادة عدد الافراد المصابين بفيروس كورونا، من المتوقع أن يؤدي تفشي وباء كورونا إلى نقص مؤقت في الكفاءات في سوق العمل، نظراً لما قد يتعرض له بعض الافراد من الإصابة أو الحجر الصحي، وبقاء الاصحاء في المنازل تجنباً للإصابة، وتكون حينها المحصلة واحدة، وهي سعي القطاع العام والقطاع الخاص للبحث عن الأيدي العاملة، ما سيؤثر بدوره على النقص في الإنتاج.

التحديات الثقافية والاجتماعية:

الخوف:

مع انتشار الكورونا يتزايد الخوف العام، والذي يظهر على عدة مستويات، فمنها خوف المواطنين من العدوى، ولزومهم المنازل لفترات أطول، ما قد يؤدي إلى الهرع إلى محلات السوبر ماركت لتخزين أكبر قدر ممكن من المنتجات الغذائية والمياه المعدنية، والوقود (البنزين) والسلع الأساسية بشكل عام، ما قد يؤدي إلى النقص الحاد في مخرجات الكثير من سلاسل الإمداد. الخوف أيضاً هو أحد المشاعر التي تؤثر على المستثمرين لفقدان الثقة في الأسواق المالية في الوضع الحالي وقد تكلمنا سابقاً عن تأثير خوف المستثمرين وسحب استثماراتهم.

العنصرية:

وقد يكون عاقبة غير اعتيادية لتفشي وباء، ولكن حيث أن الوباء قد ظهر في الصين وانتشر منها، فمن المشاهد والمتوقع أن تظهر بعض العنصرية من بعض الافراد تجاه أي شخص تبدو عليه الملامح الاسيوية، بل قد يترتب عليه اعتداءات بدنية. ولكن مع انتشار الوباء في بلاد أخرى ستختفي العنصرية تدريجياً.

تجنب السفر:

بالفعل أحبط وباء كورونا العديد من خطط السفر لدى الكثير، وبخاصة السفر الجوي لوجود احتمالية الإصابة بالفيروس بسبب الاختلاط بالتجمعات في المطارات أو لاحتمالية خضوع المسافر للحجر الصحي بعيداً عن بلده، وبالرغم من أنه تحدي ناتج عن متغير ثقافي واجتماعي إلا أنه قد يسبب أضرار بالغة لصناعة خطوط الطيران.

العمل عن بعد:

مع انتشار الوباء ستتجه بعض الشركات لتشجيع نموذج العمل عن بعد حيث يمكن تطبيقه، على سبيل المثال في بعض الصناعات بعض الوظائف لا تتطلب وجود بعض الموظفين في مكان العمل بشكل يومي، في حين أن هذا توجه مؤقت لكنه قد يلفت انتباه الشركات لتطبيق نموذج العمل عن بعد في المستقبل.

الفرص والتحديات التكنولوجية:

التقدم في علم الأوبئة:

بالتأكيد سيؤدي تفشي وباء كورونا إلى المزيد من التقدم في علم الأوبئة ودراسة الفيروسات. طبيعة الفيروس وقوة انتشاره ستوفر معلومات في غاية الأهمية للعلماء عن كيفية التعامل مع الأوبئة المماثلة في المستقبل كما سيحفز العديد من المبدعين والمبتكرين لإيجاد طرق جديدة لمواجهة الظروف المماثلة عند انتشار الأوبئة. من ضمن تلك الابتكارات نظام الكشف من السيارة Drive Thru والذي تم تطبيقه في مرأب قديم خاص بعيادة طبية في ويلز Wales للكشف السريع والآمن على وباء كورونا.

وأخيراً يجب الاستعداد بشكل عام لتطورات أخرى للوباء الحالي، أو أي كوارث أخرى محتملة، والتوجه إلى إنشاء بيئة عمل افتراضية موازية لبيئة العمل الحقيقية من خلال التحول رقمي وإعادة النظر في سلاسل الامداد المعتمدة على تركيز الصناعة في مصانع عملاقة والتوجه إلى المزيد من التوزيع.

ارسل مقالك الآن أرسل ملاحظاتك