أنت هنا

تأثير جائحة كورونا على عالم الأعمال

منذ 3 سنوات شهر واحد

مع انتشار جائحة كورونا والتأثير الواضح على اقتصاد العالم، بدأ ظهور صناعات وقطاعات كاملة تأثرّت، هذا المقال يحاول رصد أهم الصناعات المرشحّة لأن تكون ضحايا الوباء ونستطيع أن نقول إنها للاسف "راحت في الوبا".

أول ضحايا الوباء الحالي ثلاث صناعات كاملة نستطيع أن نقول أنها سوف يدخلون فيما يماثل النهاية ولن يعودوا مرة أخرى حتى لو بعد انتهاء الوباء على خير لأن الشركات بتاعتهم حتكون فلست بالفعل.

أول صناعة هي السينما ، طبعاً ما سينتهي هو دور السينما نفسها لكن صناعة الأفلام لسه مكملة ، ده خبر يؤسفني انا شخصياً لأني من الناس اللي بتحب السينما جداً، لكن من الواضح أن الدور جاء على السينمات بعد ما نتفليكس و اخواتها قضوا على نوادي الفيديو وكذلك القنوات المشفرة، دلوقتي الدور على السينما نفسها، حسب إحصائيات اليو اس بوكس اوفيس، عام ٢٠١٩ كان اقل عام الأمريكيين دخلوا فيه السينما منذ بداية عصر الإحصائيات في ١٩٢٠ يعني دور السينما ستغلق ابوابها عاجلاً أم آجلاً، والدليل على ذلك هو أن أكبر شركة تمتلك دور سينما في أمريكا AMC اعلنت افلاسها بالفعل و كل منافسيها بيعانوا أيضاً.

الناس خلاص بطلت تروح السينما و طبعاً كوفيد ١٩ هو رصاصة الرحمة اللي جاءت تنهى على الباقي و بالتالي فبعد الوباء ما ينتهي لا نتوقع اننا سنرى سينمات كثير بتفتح ومن أكبر الأدلة على ذلك هو أن شركات الأفلام نفسها زي يونيفيرسال و ديزني بدأوا ينزلوا الأفلام عرض أول أونلاين، تاريخياً يونيفيرسال كانت حاولت بالفعل في ٢٠١١ تنزيل فيلم تاور هيست عرض أول اونلاين لكن السينمات اعترضت وأعلنوا انهم سيرفعون الفيلم من العرض لو لم يستغلوا فترة الاحتكار المعروفة ودي بتكون ٩٠ يوم قبل ما الفيلم ينزل علي اي حاجة تاني، يونيفيرسال نزلت فعلاً فيلم ترولز ٢ اونلاين الشهر الماضي و ديزني عملت نفس الحكاية ونزلت فيلم أونوورد برضه اونلاين و يونيفرسال اعلنت خلاص انها لن تعطي فترة ال ٩٠ يوم احتكار حتى بعد الوباء ما ينتهى.

الناس حالياً لا تذهب للسينما طبعاً لكن حتى قبل الكوفيد كان عدد الناس يقل لأن ببساطة بثمن تذكرة سينما واحدة (٢٠ دولار) تقدر تجيب الفيلم عرض أول في بيتك على شاشة تلفزيونك في غرفة الجلوس و تتفرجوا كلكم كعيلة مع بعض و ده اوفر و اسهل و بيوفر كثير في الخروجة كلها، وبكده نقدر نقول لدور السينما ارقدي في سلام و لكن ستعيش الأفلام طويلاً بالطبع.

الصناعة الثانية بعد السينما اللي بتنتهي مع الكوفيد ١٩ هي محلات البيع بالتجزئة ، و هؤلاء كانوا يعانون بالفعل  من قبل الوباء وفي منهم كثير اعلن افلاسه أو كان في طريقه لإعلان إفلاسه بسبب زيادة التسوق الأونلاين. هذه المتاجر و عندما جاء الفيروس جعل فئة جديدة من المستخدمين تتعلم التسوق اونلاين و خاصة كبار السن و اللي كانوا رافضين الفكرة زمان ، الناس اللي لا تستطيع انها تذهب لتشتري من المحلات حالياً ، اتعلموا ازاي يشتروا من امازون و اتعلموا يدفعوا بالكريدت كارد و يتابعوا الشحنات و كل حاجة أصبحت سهلة في متناول يدهم

هؤلاء كانوا يخافون أنهم يجربوا فوجدوا الأمور بسيطة و سهلة فقرروا يكملوا في الشراء الأونلاين لأن ببساطة التسوق الأونلاين اسهل فعلاً. محلات التجزئة في أمريكا حالياً بتقفل و الوباء هو المسمار الأخير في النعش ده. محلات ضخمة زي MACYs, GAP , Nordstrom, Kohl's كلهم اما أعلنوا أو في طريقهم لأعلان إفلاسهم و مولات كاملة في أمريكا بتقفل حالياً و هؤلاء حتى بعد الوباء لن يعودوا مرة أخرى لأن كل الناس اللي قلبت تسوق اونلاين دلوقتي بيقولوا احنا ازاي مجربناش ده من زمان !!!

لن يذهب الناس لأي محل غير لو مضطرة ومافيش اي بديل نهائي اونلاين، حتى بعد الوباء ده هيستمر لنفس السبب بتاع السينما ، أن الأونلاين فعلاً اسهل. طبعاً سيظل بعض الناس اللي بتحب تروح تلمس البضاعة و تتفرج على الفتارين و دول حيفضل لهم محلات انتيكة زي خان الخليلي كده ، بس خلاص العجلة دارت وتفرم البيع بالتجزئة بشكله القديم

ده شكل نسبة التسوق العادي للأونلاين في السنوات الماضية، طبعاً في ٢٠٢٠ سنرى منظر مختلف تماماً و أكثر ازدهاراً لتجارة الأونلاين:

نمو التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة في الفترة من عام ٢٠٠٩ و حتى أبريل ٢٠٢٠

الصناعة الثالثة و الأخيرة اللي حتروح في الوبا هي مفاجأة الحقيقة لأنها على عكس الصناعتين اللي قبلها لم تكن تعاني قبل الوباء، بس دي صناعة حظها وحش ، جاءت أمام القطار صدفة الحقيقة، وهي المكاتب الأدارية او اللي بنسميها بزنس ريال استيت. هذه الصناعة كانت شغالة جداً وفي مصر كانت قبل الوباء مزدهرة بشكل خرافي، لكن حالياً بعد ما الناس جربت التأثير الأيجابي للعمل من المنزل ، اكتشفوا انه ينفع و ينفع جداً كمان و بالتالي معظم الشركات اما حتلغي مكاتب كثير و تقلص مساحات الإيجار الذي يستهلك ميزانيات ضخمة (في شركة في أمريكا اكتشفوا انهم لو حولوا الناس اللي بتشتغل من بيتها حالياً بنفس الكفاءة للعمل المستمر من المنزل سيوفرون فوق ال ١٠ مليون دولار فطبعاً سيقومون بذلك و بلغوا اصحاب العمارات أنهم لن يجددوا الإيجار).

ده لن يكون مجرد تريند وقت الوباء لأن ببساطة الناس اكتشفت الحقيقة الجوهرية وهي أن العمل من المنزل أكثر انتاجاً و أوفر مادياً و اقل مجهوداً و بالتالي هيكملوا كده. شركة تويتر اعلنوا لكل الموظفين ان من يريد أن يعمل من المنزل بعد الكوفيد  و بصفة مستمرة يقدر يشتغل بهذه الطريقة. الوضع ده كان مستحيل اكتشافه قبل الوباء لكن حالياً داخلين على عصر جديد ، عصر العمل من المنزل و اقل مساحات ادارية

كده ثلاث صناعات هم ضحايا الكوفيد: السينمات (وليس الأفلام) و متاجر التجزئة و اخيراً المكاتب الأدارية.

في استبيان رأي عن العمل في المنزل في مصر في مجموعة تضم معظم أصحاب الشركات الناشئة في مصر، تقريباً ٧٥٪ بيفضلوا العمل من المنزل حالياً

الثلاثة صناعات اللي مرشحين يختفوا ، كان في حاجة بتجمعهم الثلاثة الحقيقة وهي أن الثلاثة مربوطين بالزمان و المكان

  • يعني السينما لازم تذهب مكان معين في زمان معين
  • محلات التجزئة لازم تذهب لمكان معين في زمان معين
  • اماكن العمل أيضاً مكان معين في زمان معين

الحقيقة دي أمثلة ممتازة توضح لماذا يجب على الشركات الآن فك هذا الارتباط ،  البزنس الذي سيظل مرتبط بالزمان و المكان لن يكون لديه فرصة مستقبلية

كيف اذاً يمكننا فك الأرتباط ؟ 

يمكن فكر الارتباط بأنشاء شركات و بزنس لا تعتمد على زمان ولا مكان ، يعني بدل السينما ، نتفليكس و شاهد و وواتش ايت وبدل المكاتب شغل من البيت و أونلاين للأعمال اللي تسمح بذلك وبدل المحلات نتحول لتجارة اونلاين، وبذلك تتغير نماذج الأعمال التقليدية.

 

 

ارسل مقالك الآن أرسل ملاحظاتك