ثلاث أكبر تقنيات للعقد القادم: علم الجينوم، تقنية النانو، والروبوتات
يقرأ معظم الناس المقالات لتقوي إيمانهم بأن التكنولوجيا تغير العالم، لكن العالم الإقتصادي روبرت جوردن قال غير ذلك في كتابه الجديد "صعود وهبوط النمو الأمريكي" (The Rise and Fall of American Growth). يشير روبرت بدقة أن الإنتاجية التي اندفقت بين ١٩٢٠ إلى ١٩٧٠، قد توقفت من وقتها إلى وقتنا ذلك وعلى الأغلب سيظل هذا هو الحال.
يجادل روبرت أن السبب هو أن التقنيات السابقة، مثل الكهرباء ومحرك الاحتراق الداخلي والمضادات حيوية، كانت لها آثار واضحة يصعب مقارنتها بآثار التقنيات الجديدة. إنه جدال حقيقي ويمكن أن يكون على حق، ولكنه لم يأخذ بالاعتبار آثار مهمة من الدرجة الثانية.
شرح عالم الكمبيوتر والمخترع راى كرزويل في كتابه التفرد قريب (The Singularity Is Near) أن نقطة النهاية للتكنولوجيا الرقمية ليست في أجهزة وتطبيقات جديدة، ولكن في تقنيات جديدة مثل علم الجينوم وتقنية النانو والروبوتات. هذه التقنيات بدأ أن يكون لها تأثير ولكن في خلال العقد القادم ستحدد إن كان روبرت جوردن على حق أو لا.
فتح كود/شفرة أكثر قوة
يشتهر مهندسين سيليكون فالي بمهاراتهم في شفرة الحاسوب. لكن التقدم الهائل للقدرة الحاسوبية مّكن العلماء من البدأ في الكشف عن أسرار وغموض أكبر سر وهو الشفرة الجينية/ الوراثية. هذا هو المجال الجديد في علم الجينوم الذي يظهر بالفعل وعوداً كبيرة.
أول منطقة تؤثر عليها الشفرة الوراثية هى السرطان. يساعد تحديد جينوم السرطان العلاجات الجديدة الأكثر استهدافاً للسرطان التي تعالج المرضى اعتماداً على التركيبة الجينية للسرطان لديهم وليس فقط اعتماداً على مكان الورم، مثل الصدر أو البروستات. هذا، مدموج مع مناعيات جديدة، يعطينا الأمل بإمكانية الوصول لعلاج لمرض السرطان قريباً.
إضافة إلى ذلك، هناك تقنية جديدة تسمى كريسبر (CRISPR)، تسمح للعلماء أن يعدلوا في ترتيب الحمض النووي ليتمكنوا من تعطيل الجينات الرئيسية لفيروس نقص المناعة البشرية، أو إلغاء أمراض المناعة الذاتية مثل مرض التصلب العصبي المتعدد أو إعادة برمجة خميرة الحمض النووي ليخلق البتروكيماويات مثل البلاستيك.
يعتبر علم الجينوم مازال علم صغير السن، عمره أقل من عقد، لذا فإننا حقاً في بداية خدش السطح فقط. لكن تقول المؤشرات المبكرة أنه سيغير مفاهيمنا عن ما هو ممكن. المضادات الحيوية كانت حقاً تحويلية، ولكن أثرها كان محدود لأمراض الإلتهابات، علم الجينوم لديه الإمكانية أن يذهب أبعد من ذلك.
استكشاف التكنولوجيا "من القاع"
فقط بضع أيام قبل الكريسماس في ١٩٥٩، صعد ريتشارد فينمن على المنصة في اللقاء السنوي للجمعية الفيزيائية الأمريكية وكان عنوان حديثه "هناك غرف كثيرة في القاع - There’s Plenty of Room at the Bottom". بعد ساعة من حديثه، كان قد خلق علم جديد، نسميه الآن تقنية النانو.
اليوم، تقود تقنية النانو إلى مجموعة واسعة من المواد الفيزيائية الجديدة مثل النقاط الكمومية، التي تغير الأجهزة الكهربائية إلى أجهزة كمبيوتر أكثر فاعلية وأجهزة تلفزيون أرخص وحادة أكثر. ومادة ثانية لتقنية النانو هى الغرافين، ويمكن استخدامها لإنتاج مجموعة واسعة من المنتجات بدايةً من الأطراف الصناعية القوية إلى أسلاك التوصيل الفائقة.
لنفهم أكثر التأثير الكبير لتقنية النانو، يجب أن نلقي نظرة على منطقة واحدة وهى: الخلايا الشمسية. في حين أن الطاقة الشمسية تعاني لتكون قابلة للتطبيق الآن، لكم في المستقبل يمكن أن تكلفنا الطاقة أقل بكثير – بنسبة نصف السعر الحالي في خلال ١٠ سنوات وخمسه في خلال ٢٠ سنة. يمكن لهذه الإحصائيات أن يكون لها تأثير عظيم على الإنتاجية، خصوصاً أن الطاقة تشكل نحو ٨٪ من الناتج المحلي الإجمالي (GDP).
في خلال التاريخ، كان علينا أن نتعامل بالمواد التي أعطتها لنا الطبيعة. الآن، نحن على وشك أن نتمكن من تصميم مواد بالخصائص التي نريد. لكن تقنية النانو مثلها مثل علم الجينوم، ما زالوا في أول الطريق ولا يمكننا التنبأ بما يحمله المستقبل لهم.
صعود الروبوتات
كان قد تم تجميع أول صناعة للروبوتات في مصنع جينيرال موتورز في ١٩٦١، كان يقوم بمهام مثل لحام الهيئات سوياً. في العقود التالية، قامت الروبوتات بالحصول على حصة كبيرة من عمل بالمصنع ولكن وحدهم لأنه كان خطر أن يعملوا حول الناس. في ١٩٦٩، تم تركيب أول جهاز صراف آلي وبدأت الروبوتات في استبدال الموظفين بدل من عمال المصنع.
في يومنا هذا، نرى على نحو متزايد روبوتات حولنا. من باكستر، وهو روبوت تشتريه الشركات الصغيرة لأنه رخيص وآمن للتعامل مع العمال والموظفين، إلى روبوتات رومبا، التي يمكنها كنس الأرض بذكاء في البيت، وإلى روبوتات البرمجيات التي يمكنها التخطيط للسفر اوتوماتيكياً، فقد أصبحت هذه الروبوتات أساسية في الحياة العصرية.
لنفهم مستقبل الروبوتات، علينا أن ننظر على الجيش، حيث تستثمر فيه الولايات المتحدة مليارات. حالياً، تنشر الولايات المتحدة ١١،٠٠٠ طائرات بدون طيار و١٢،٠٠٠ روبوتات أرضية لتعمل مهام مثل إزالة قنبلة وحمل المعدات. يشكل الجنود بالفعل روابط عاطفية بهذه الروبوتات ويطلقوا عليهم أسماء ويخاطرون بحياتهم لإنقاذهم.
نرى أيضاً روبوتات تندمج في الحياة المدنية على نحو متصاعد. ويتم نشر الطائرات بدون طائر تجارياً لشركات الإستبيانات ويفكر أمازون في إنشاء خدمة التوصيل بطائرة بدون طائر. وبرنامج واطسون الخاص بشركة أى بى أم الذي يساعد الأطباء على تشخيص الأمراض. مع تطور التكنولوجيا، ستسيطر الروبوتات أكثر على وظائف الإنسان، مثل قيادة سيارات التوصيل.
الابتكار ليس فعالية واحدة أبداً
روبرت جوردن لديه حجة جيدة ويستحق أن يتم أخذ كلامه بجدية. فإننا لم نرى فائدة قابلة للقياس للتكنولوجيا الرقمية إلا في وقت قصير في التسعينات. بالتأكيد التأثير والفائدة ليسوا بحجم تأثير وفائدة الابتكارات السابقة مثل الكهرباء ومحرك الاحتراق الداخلي والمضادات الحيوية أو حتى السباكة في الأماكن المغلقة.
لكن على الأغلب يتسرع جوردن في الحكم. فقد اخترع فاراداى الدينامو الكهربائي في 1830 وقد تم اختراع محرك الاحتراق الداخلي في ١٨٧٠ لكن ظهر تأثيرهم في ١٩٢٠ و١٩٧٠. في المرحلة المؤقتة، كان يجب ظهورتكنولوجيا وابتكارات أخرى مثل قيادة السيارة، الفرامل، الطرق، الأجهزة المنزلية، وأجهزة الكمبيوتر.
الحقيقة هى أن الابتكار ليس بحدث واحد ابداً، إنه يتطلب اكتشاف رؤى جديدة وهندسة الحلول حول هذه الرؤى، ثم تحويل الصناعة أو المجال. لا تنتج التكنولوجيا تقدم بنفسها، يجب علينا أن نجد لها مشاكل مهمة لتحلها ثم يجب أن نغير طريقة عملنا لكى نستفيد بها.
إذن في حين أن تطبيقات الهواتف الذكية مرحة وتضيف راحة لحياتنا، إلا أن التأثير الحقيقي للتكنولوجيا الرقمية يقع أمامنا حين يتم تطبيق تقنيات الدرجة الثانية لمشاكل مختلفة تماماً.
قد تم نشر هذا المقال من قبل على موقع Innovation Excellence.
موقع إبداع مصر غير مسؤول عن مضمون التعليقات