أنت هنا

تأتي مع 'البيانات الكبيرة' فرصاً أكبر

منذ 8 سنوات شهر واحد

لم يكن قد مر سوى بضعة أيام بعد تغطية حدث ما، إلا إنني وجدت أن الفيسبوك يعرف كل شيء عن هذا اليوم. وجدت ترشيحات بإضافة أشخاص قابلتهم للمرة الأولى في هذا الحدث. و عندها تذكرت كلمة أحد المتحدثين في اليوم، ' هاتفك الذكي  به من ٤ إلى ١٢ جهاز استشعار يقوموا بجمع البيانات عنك في كل وقت و كل مكان.'

هل فكرت يوماً كيف يرشح الفيسبوك هؤلاء الأصدقاء؟ كيف ترسل لك شركات المحمول الخاصة بك أحدث العروض تناسب استخدامك؟ كيف تعطيك مواقع التسوق الإلكتروني قائمة شراء تناسب ذوقك واحتياجاتك؟ وكأن كل هؤلاء يقولون لك: 'مهلاً..انتظر، لدينا أشياء تناسبك'

السبب في كل هذا هو عصر البيانات وكيفية استخدام هذه البيانات أو ما يعرف باسم 'البيانات الكبيرة' Big Data وتحليلات البيانات.

أشارت EMC -شركة رائدة في  تكنولوجيا معلومات- لو حرقنا البيانات التي تم إنتاجها في يوم واحد فقط على دي في دي DVD، ثم  وضعنا هذه الأقراص واحدة على أخرى، سوف تمتد من الأرض إلى القمر. تخيل مدى صعوبة تخزين وتحليل هذه الكمية من البيانات. البيانات الكبيرة هي كمية هائلة من البيانات التي لا يمكن تخزينها أو معالجتها باستخدام الطرق التقليدية.

و بطريقة أبسط ، هي نتيجة لكل فعل نقوم به على الوسائط الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي. حيث أننا دائماً نترك أثرلنا من خلال البيانات. تقوم شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع التسوق الإلكتروني بتحليل جميع البيانات المتوفرة لديهم، لتوفير تجربة مصممة خصيصاً لك. تتبع وكالات الإعلان حركة الماوس والنقر الخاصة بك لمعرفة ما هي أفضل الأماكن لوضع الإعلانات. لا يمكننا  تخزين هذه البيانات في صورة أكوام لم يتم فلترتها والتعامل معها فتصبح عديمة الفائدة.

البيانات أحدث موارد هذا الكوكب: كيف تعمل؟

يقول العلماء أن البيانات هي أحدث مورد في العالم ويعولون على كيف يمكننا استخدامها من أجل عالم أفضل. يمكن تحليل البيانات على ٣ مستويات: استخراج الحقائق، ووضعها في إطار، واستخدام خوارزميات لجعل قيمة للبيانات. البشر هم الذين يخلقون الحقائق أو المعلومات و البيانات.تنتج البيانات مثلاً من كل تغريدة ننشرها أو كل ضغطة على جهاز التحكم عن بعد للتلفزيون،أو شراء عبر الإنترنت.

مهندسين البيانات وصانعي القرار مسئولون عن وضخ الحقائق في إطار. كانت لندن تعاني من تفشي وباء الكوليرا في القرن التاسع عشر، معدلات الوفيات بلغت ٪١٢٫٨ والأطباء ارجعوا سبب انتشار المرض إلى تلوث الهواء. وقرر الطبيب جون سنو النظر إلى البيانات في إطار مختلف. بدلاً من تحليل موعد الوفاة أو سن الوفاة، تتبع مكان أغلب الوفيات، واكتشفت أن جميع حالات الوفيات كانت قرب نفس الشارع، قرب مضخة لمياه ملوثة. جزء من التوصل إلى حل هو وضع البيانات في الإطار الصحيح وخلق أنماط ذات الصلة منها.

التكنولوجيا والآلات دورها إنشاء خوارزميات تقوم بجمع جميع أنواع وهياكل البيانات وتحليلها. يمكن أن تكون البيانات لدينا منظمة مثل الدفع ببطاقة الائتمان أوغير منظمة مثل كل بيانات تويتر والفيسبوك.

نظرة على الوضع في مصر

وفقاً لمحمد ماهر، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "سديم"، فإن ٪٣٠ من البيانات مصدرها الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعي مثل: التعليقات ومقاطع الفيديو وhashtags و بينما ٪٥٠ من البيانات تأتي من أجهزة الاستشعار التي يتم إرفاقها للهواتف النقالة، والثلاجات، والسيارات أو أي من الأجهزة الذكية التي نستخدمها. و ال ٪٢٠ المتبقية تمثل جميع البيانات التي جمعت قبل عصر وسائل التواصل الاجتماعي.

وعندما سُئل إذا كانت البيانات الكبيرة يمكن أن تسهم في حل بعض المشاكل في مصر، أجاب "البيانات الكبيرة هي الطريق الوحيد لحل هذه المشاكل". و قبل حل أي مشكلة، عليك أن تسأل نفسك أين أنت الآن، البيانات كبيرة تساعدك على إضافة مدخلات جديدة ورؤى ووجهات نظر مختلفة في موقفك الحالي. 

وبدأ  رواد الأعمال المصريين مؤخراً في خلق مكان لأنفسهم في سوق البيانات الكبيرة . كراود أنليزر Crowd analyzer  هي شركة ناشئة تعمل من دبي علي يد مؤسسين المصريين. توفر الشركة  أداة لتحليلات مواقع التواصل الإجتماعي وتعتبرالأولى للقيام بذلك في منطقة الشرق الأوسط. تساعد هذه الأداة الشركات على متابعة عملائها أو الجمهور، فهي قادرة على تحليل اللغة العربية. كراود أنليزر تجمع وتحلل البيانات الكبيرة وتقدمها في شكل آراء ومعطيات من الزبائن وهي قادرة على معرفة لماذا فشل هذا المنتج، أو لماذا ازدهرت تلك الحملة.

البيانات الكبيرة يمكنها قياس أي شيء، يمكن إخبارك متى سيتم قطع التيار الكهربائي، أو أين تقع معظم حوادث السيارات. بتجميع البيانات المتاحة يمكننا رؤية أنماط جديدة من الحلول وقد يصبح ذلك تذكرة لنا للمنافسة العالمية. ولا يسعنا إلا أن نشكرالبيانات الكبيرة التي مكنت خرائط جوجل من طرح خدمة Google Traffic التي تمكننا من معرفة الحالة المرورية والطرق المزدحمة لتجنبها، كما تعطينا المدة المتوقعة للوصول. 

كيف يمكن أن تغذي البيانات كبيرة الابتكار في السنوات القادمة؟ وكيف يمكننا استخدامها لحل مشاكل المجتمع مثل مشاكل نقص المياه أو التعليم أو حركة المرور؟

 

 

ارسل مقالك الآن أرسل ملاحظاتك